هذه الفلسفة دارساً لها وإن لم يكن مقلدا لها تمام التقليد.
والحقيقة أن رأي كوبينو الذي انتقده المستشرق براون هو المذهب الصحيح. فقد استمد الملا صدرا من المنبع الأرسطوطاليسي ومن فلسفة ابن سينا ما شاء أن يستمد؛ وقد سعى فيما بعد لبث فلسفة ابن سينا التي كانت قد اندثرت وماتت في نواحي إيران حتى وجه أنظار الطلاب والباحثين إليها. وقد كان أستاذه المير باقي الداماد من الحريصين على هذه الفلسفة فلا يستبعد أن يكون هذا الحب الذي نجده في كتب الملا صدرا من أثر ذلك التوجيه الذي رسمه أستاذه في كتبه ولاسيما في كتابه الفلسفي الشهير (القبسات). ويستمد الملا صدرا فلسفته في الواقع من منابع كثيرة أهمها أراء اليونانيين ولاسيما آراء أرسطو وتلميذه إبن سينا ومن أفكار المتصوف الشهير محيي الدين بن العربي ومن تعاليم الدين الإسلامي. من القرآن والحديث والسنة النبوية وما جاء عن الأئمة من أقوال.
ولابن عربي المتصوف الشهير وصاحب الآراء المعروفة في عالم التصوف مثل رأيه في (وحدة الوجود) وأفكاره الأخرى التي تعارض ظاهرها الشريعة الإسلامية منزلة عظيمة في نظر الملا صدرا وفي نظر الفلاسفة الآخرين من أهل هذا الجيل. وقد تكون وحدة الرأي ووحدة المشارب والأفكار هي التي جمعت بين الاثنين بين محيي الدين بن العربي وبين الملا صدرا في المذهب الصوفي على تباعد الشخصين. وقد اتهم الملا صدرا نفسه بمثل ما اتهم به ابن العربي؛ ففي كتاب (الأسفار) وهو من أهم كتبه في الفلسفة (كلمات لا تلائم ظاهر الشريعة). وقد دافع عنه أتباعه وأنصاره بمثل ما دافع أتباع محيي الدين بن العربي وأنصاره عنه.