للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والبهائي صاحب الكشكول وإن كان حكيما ومتصوفا إلا أنه لم ينصرف إلى معالجة الفلسفة وقضايا التصوف انصرافاً كلياً بل عالج المسائل معالجة (الأنسكلوبيدي) الذي يهتم بكل شيء ويبحث عن كل شيء. لم يفعل ذلك في معالجة القضايا الفلسفية والمسائل الصوفية فقط، بل كان ذلك شأنه في كل المواضيع تقريباً (ولذلك كانت كل طائفة من طوائف المسلمين تنسبه إليها) (تراه يعظم كثيراً من الصوفية الأغوياء والملاحدة الأشقياء في جملة من مؤلفاته) مثل مدحه الحسين بن منصور الحلاج وجماعة من المتصوفة الذين تحوم حولهم الشبه. وهذا ما جعل بعض المتعصبين المحافظين أمثال المحدث الشيخ عبد الله ابن صالح البحراني والعلامة المجلسي وفيض الله التفرشي وأمثالهم يضعفونه في كتبهم ولا يأخذون بروايته. ويغمزون في بعض ميوله ولاسيما في ميوله إلى المتصوفة والتصوف. على أن الرجل ثقة جليل القدر ولا يشك في وثوقه أكثر العلماء.

أما المير محمد باقي الاسترآبادي المعروف بالداماد وهو لقب ورثه من أبيه السيد محمد الذي تزوج من ابنة العالم العربي السوري الشيخ علي بن عبد العال الكركي فعرف به ومعناه (الصهر) فهو فيلسوف عميق التفكير قوي العقل تدل أبحاثه في كتابه (القبسات) على علم غزير في الحكمة والفلسفة ومواضيع علم الكلام.

أما فلسفته فهي فلسفة إشراقية وقد عرف لذلك (بالإشراقي) أو (الإشراق) وأما أشعاره فهي مشرقة الديباجة مسبوكة الأسلوب على طريقة الصوفيين الإشراقيين. وقد أثرت هذه الفلسفة على نفسية تلميذه الشهير المعروف بالملا صدرا وهو صدر الدين محمد بن إبراهيم الشيرازي أعظم الفلاسفة المتأخرين.

يقول صاحب كتاب روضات الجنات عن الملا صدرا (كان الملا صدرا فائقا على سائر من تقدمه من الحكماء إلى زمن الطوسي منفخاً أساس الإشراق ومفتحا أبواب الفصيحة على طريقة المشائين والرواقيين). ويقصد صاحب روضات الجنات بالمشائين الفلاسفة الأرسطو طاليسيين ويمثلهم كما يقول المستشرق الإنكليزي براون، ابن سينا خير تمثيل. وعلى هذا فتكون فلسفة الملا صدرا فلسفة معاكسة لفلسفة أرسطو وابن سينا كل المعاكسة. أما المستشرق الفرنسي كوبينوه فكان قد ذكر عنه إنه كان من الفلاسفة الذين استمدوا فلسفتهم من الفلسفة الأرسطوطاليسية ومن فلسفة ابن سينا الفيلسوف الذي كان بارعا في

<<  <  ج:
ص:  >  >>