اخذ الجو يتحول في الأعوام الأخيرة بأسلوب لم تعهده من قبل، فقد صار شتاء مصر عنيفاً جداً، وصار صيفها أعنف، وأصبحنا نتذوق الطعوم المختلفة للحياة الجوية على نحو ما كان يتذوق الأباء والأجداد قبل أجيال
والمنتظر أن يكون لهذا التحول الجديد في الجو المصري تأثيرٌ يزيد في قوة الحيوية وقوة الشعور بالوجود، فقد كاد اعتدال الجو في مصر يخلق ألواناً من البلادة، وكاد يضعف الإحساس بتغير الفصول
والمنتظر أيضاً أن يكون لهذا التحول فضل في التشويق لمعرفة الأجواء المختلفة بالديار المصرية، فسيصير من المألوف أن تكون لنا مواسم في الجنوب أيام الشتاء، كما صارت لنا مواسم في الشمال أيام الصيف، وسيكون من الحتم أن نعرف الأقصر وأسوان كما نعرف الإسكندرية ودمياط
والواقع أن إقبال المصريين على مصايفهم الجميلة ليس إلا وثبة جديدة في تذوق الحياة، فما أعرف أنفي الدنيا مصيفاً يشبه مصيف الإسكندرية، ولا أعرف أن في الدنيا بقعة يتجمهر فيها الجمال كما يتجمهر في ذلك المصيف. والذي يقدر على قضاء أيام بالإسكندرية أو بور سعيد أو دمياط ثم يبخل على نفسه بذلك النعيم فهو من أعيان السفهاء!
صار الاصطياف بحمد الله من صميم التقاليد المصرية، وصار من منهاج الحياة في مصر أن يدخر الناس ما يعين على الاصطياف، ولم تعد الشواطئ مقصورة على من يعرف فضلها من الأجانب، فقد أضجت ملاعب مصرية تحت سيطرة الشبان المصرين، وصار من السهل أن ترى من كبار الرجال من يرتاد تلك الملاعب في الضحى والأصيل