[على ذكر الضرائب الجديدة]
تكاليف الاستقلال
وهل تكاليف الاستقلال، إلا ضرائب الدماء والأموال؟
لقد كنا قبل أن نبلغ رشدنا الدولي نعيش في كنف الحكومة وحمى
الاحتلال، كما يعيش النشء الأغرار في ظلال الأبوين ورعاية
الأسرة! تنفق علينا الحكومة ولا نعلم من أين تكسب، وتدفع عنا الحليفة
ولا ندري بماذا تضرب. وكنا نسمع بما تجود به الأمم لأوطانها من
الأموال والأثمار والأنفس، ونرى ما نحن فيه من البال الفارغ والعيش
الأبله، فنحسب أن حياتنا هي الحياة، وغبطتنا هي الغبطة. ولكننا كنا
نرى من الجهات الأخرى أن عزتنا وقومنا لا تقاس على عزات هذه
الأمم وقواها؛ فهي في أوطانها حرة الإرادة مطلقة السيادة، وفي العالم
مرفوعة الرأس مسموعة الكلمة؛ ونحن في وطننا قطيع يسام ويسمن،
وفي العالم سلعة تُساوم وتؤمّن، فلا نشعر هنا كما يشعر الناس هناك
أننا نحن الوطن والثروة، والحكومة والسطوة، والدولة والسلطان. فلما
بلغنا التكليف وأدركنا الاستقلال وملكنا زمام الأمر، أصبحنا فإذا
أخطار المجد تحوم على كل نفس، وأثقال الدفاع تنحط على كل كاهل:
فالضرائب تجبى من المال، والكتائب تجمع من الدم، والتضامن الدولي
العام يقتضينا المساهمة في حفظ السلام وإقرار العدل بالمعاهدات
الدفاعية والمواثيق الاقتصادية؛ وفي سبيل ذلك تستعد كل نفس للموت،
ويتهيأ كل شيء للبذل؛ ومن أجل ذلك يجب أن يكون صوتنا هو الأرفع
في السياسة، ورأينا هو الأعلى في الحكم