ويكاد لويجي بيراندللو يعد ألمع شخصية في الأدب الإيطالي الحديث، كما أنه أعظم كاتب مسرحي في هذا العصر. وهو من الأدباء الذين تأثروا إلى مدى بعيد بنظريات العلامة النفساني سيجموند فرويد، وقد استطاع أن يجسم تضاعيف هذه النظريات في رواياته التي تدور حول رسم وتصوير العواطف الخفية التي تسبح في العقل الباطن، وتظهر الآونة بعد الأخرى على سطح العقل الواعي فتصطدم بالتقاليد والنواميس الطبيعية
على أن أشد ما يؤسف له هو أننا لم نفهم بيراندللو إلا من حيث أنه كاتب مسرحي فقط، أما من وجهة أنه قاص عبقري فلا يزال مجهولا رغم ما أنتجه من القصص الممتازة التي تدل على قوة الملاحظة وخلق الشخصيات الناضجة التي تطابق الواقع وما امتاز به من تحليل الشخصية ورد العناصر إلى أصولها
بيراندللو - في عرف بعض النقدة - رمز للعالم الحديث فهو يشعر شعوراً عميقاً بالزمن الحاضر المضطرب بسبب الحوادث والماديات اللاصقة به. ونحن إذا شاهدنا مسرحياته لنقارنها بقصصه شعرنا باضطراب وعدم استقرار. بل لما وجدنا شيئاً نتعلق به لننجو بأنفسنا، فكأننا في بحر مضطرب ثائر لا يهدأ، وكل بطل من أبطاله ليس الواقع إلا (هملت جديد) لا يعرف معنى للاستقرار. وكلما تعمق في الحياة ازداد اضطرابا، فهو أمام الحياة في حالة ذعر وخوف
وشخصية بيراندللو نفسها تعد مثالا حياً للمضطربين الذين لا ينشدون الراحة إلا في حالة ثورة فكرية، وقد أطلق عليه دانبيل روبس في كتابه , لقب (البلشفكي العقلي)، أي أنه صاحب مذهب شيوعي متطرف بالنسبة للفكر الإنساني، على أننا لا نقر هذه التسمية الخاطئة، لأن الشيوعية المتطرفة تفكر في إعادة البناء بعد الهدم، على حين أن بيراندللو