قرأت في (الرسالة الغراء) قطعة (الدمام) التي فيها شرح اللعس. . . ووصية الزمخشري. . . - ولن نعمل بها - بلن الاعتزالية - إن شاء الله - فلما وصلت إلى (شارع عماد الدين، هذا شارع موهي الدين) كركرت وقهقهت، وقلت في نفسي: لو ماشت جماعة من العرب أصحابنا الكماليين في اتخاذ تلك الحروف المسماة باللاطينية لأمسى محي الدين موهي الدين وتذكرت حديثاً طريفاً أحببت أن أقصه على قراء الرسالة:
في الإسكندرية رجل تركي يكتب بالعربي، والدجاج يخطب أيضاً ويكتب. . . وهو مولع بحرية القول، والحرية - يا أخا العرب - من غرائز هذا الجيل (التركي) منذ القديم. . . وقد عرفت مصر حرية القوم المعرفة البليغة المتقنة. . .
ولاقاني هذا الرجل ذات يوم وعلق يطنب في تقريظ الكماليين، وفي تجديدهم، وفي هذه الحروف التي استبدلوها بالقديمة، فقلت له: يا شيخ، اسمع: أما ذلك العظيم فإن إجلالي إياه ينسف هرفك به. ووالله ما ذكرته في وقت إلا تذكرت أبيات حفص بن الأحنف الكناني في ربيعة بن مُكَدّم:
لا يبعدَنّ ربيعةُ بنُ مكدّم ... وسقى الغوادي قبرَه بذَنوب
نفرتْ قَلوصي من حجارة حَرَّةٍ ... بُنيت على طَلْق اليدين وهوب
لا تنفري (يا ناق) منه فإنه ... شِرّيب خمر مِسعرٌ لحروب
لولا السفار وبُعْدُ خَرْق مَهْمهٍ ... لتركتها تحبو على العرقوب
فالرجل فوق ما في نفسك، وهو بطل من أبطال هذا الزمان؛ وأما ذلك التجديد فليس لليوم أن يقضي فيه قضاءه، وللغد الحكيم فتنظر أأحسن القوم أم أساءوا. وأما تلك الحروف الإفرنجية فما عمل الكماليون شيئاً، كانوا يكتبون من اليمين، فصاروا يكتبون من الشمال
قال: لم أفهم
قلت: الحرف العربي هو الحرف الإفرنجي نفسه، والحرف الإفرنجي هو الحرف العربي عينه (وأنفه)