أذاعت جماعة مشروع القرش في العام الماضي أكثر من نشرة كتب فيها كبار الكتاب وذوي الرأي حتى لقد أصبح الإنسان يشعر حين يفكر في كتابة شيء جديد للمشروع وأصحابه بشيء من المشقة غير قليل. ذلك شأني على الأقل لأنني لا أريد أن أتناول موضوعا إلا أن يكون له مساس أو اتصال بالقرش ومشروعه. وقد طلبت إلى جماعة القرش منذ اعتزمت إصدار هذا العدد من (الرسالة) أن أكتب ففكرت وفكرت وفكرت حتى انتهيت أخيرا إلى ما اكتب اليوم عن دلالة هذا المشروع من ناحية الاتجاه الاقتصادي وتأييده لمبدأ التضامن الاقتصادي على غيره من المبادئ وتأييده لهذا المبدأ في حدود الاقتصاد القومي اكثر من تأييده إياه في المدى الواسع الذي يعتبر العالم كله وحدة اقتصادية يجب أن تعمها روح التضامن من غير تقيد بالتفكير القومي ومن غير خضوع للمبادئ الاشتراكية المتطرفة.
أنا لا أظن أن الذين بدءوا التفكير في مشروع القرش بدءوه متأثرين بهذا المبدأ الاقتصادي أو ذاك. بل أغلب الظن أنهم بدءوه متأثرين بخضوع مصر الاقتصادي لغيرها من الأمم خضوعا تستطيع بشيء من المثابرة أن تتخلص من نيره. وإذن فهي فكرة الاستقلال الاقتصادي تدفع إليها عاطفة وطنية كالعاطفة التي دفعت إلى النهضة في سبيل الاقتصاد السياسي هي التي حركت في نفوس السابقين إلى فكرة مشروع القرش الدعوة إلى مشروعهم وإبرازه من حيز الفكرة إلى حيز العمل. لكن ذلك لا يغير شيئا من دلالة المشروع على نحو ما قدمنا بل هو يزيده تأييدا. فلو أن فكرة الاستقلال الاقتصادي وحدها هي التي كانت الدافع والمحرك ولم تخلطها فكرة التضامن القومي لرأينا الدعوة إلى هذا الاستقلال تلبس ثوبا آخر وتظهر في صورة أخرى. ومن قبل دعا الداعون إلى تأليف شركة لإنشاء بنك مصر تحقيقا لفكرة الاستقلال الاقتصادي ونجحت الدعوة نجاحها الباهر