للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

مذكرات واعظ أسير

تأليف الأستاذ الشيخ أحمد الشرباصي

للأستاذ كامل السيد شاهين

ما كان لمحنة الإخوان المسلمين أن تمر بغير تسجيل، وما كان لهذا العسف الوبيل الذي نالهم أن يذهب دون أن يدفع هؤلاء الذين بطشوا بهم دفعاً بليغاً!.

وهذا الكتاب الذي أخرجه لنا الشيخ الشرباصي، وإن كان مذكرات؛ والمذكرات عادة تبرز فيها الذاتية، وتختفي الجماعية، إلا أنها ليست مذكرات في أيام طبيعية، بل في أيام عصيبة شاذة، مفرطة في الحلوكة والشذوذ - ومن ثم كانت تدور مع شخص كاتبها على الأحداث العامة والأوضاع المنحرفة، وكانت عين صاحبها يقظى لا يفوتها فائت، وكانت نفسه مرهفة لا يمر بها الحوادث دون أن تتردد فيها، وتمتزج بها، ثم تحكم عليها الحكم الذي ترتاح له.

لقد كان قلم الشرباصي في هذه المذكرات مصوراً. فهو يصور الحجز الكريه وما يجد المحجوز فيه من كرب عظام، وما تقاسى فيه الإنسانية من ذلة وامتهان، وما يسمع البرءاء فيه من دروس تخلق روح الإجرام وتغري بالفساد. وهو يصور جماعة (البوليس) فئة لا يعوذ بها البريء فتحميه، ويستجير بها الخائف فتجيره، ولكنها أداة صماء مسيرة يحركها الباطن كيفما يشاء. فئة لا تفهم من القانون إلا أنه الغطرسة الكذوب والاستعلاء المقيت والاستبداد بالمجرم والبريء على السواء. وفوق أنها مفتونة بمكانتها، مجنونة بطغواها - تجدها تتضامن للرشوة، وتباع ذمتها بالمال، وتلفق وتزور، وتداجى وتنافق. لقد حدثنا عنهم الأستاذ حديثاً منثوراً: حدثنا حديثهم في التفتيش، وحديثهم في القسم، وحديثهم في الطريق إلى المعتقل، وحديثهم في المعتقل نفسه. . فمن كان بخعاً نفسه أسفاً على شيء فعلى وضع هؤلاء وضع الصيانة والحفظ، والتحكم في مصائر الناس فليفعل!.

وهو يصور لنا الاضطهاد المرير الذي يلقاه المعتقلون: من تأخر الطعام، ومنع الزائرين، وتكويم الفضلات يفرح فيها الذباب الجسور، وأذى خاص للذين يكبرون ربهم، أو يؤذنون

<<  <  ج:
ص:  >  >>