الكتاب الذي أقدمه اليوم لقراء العربية من وضع العلامة روبرت وردورث ولد في بلخرتون من أعمال ماساتشوستس في ١٧ أكتوبر سنة ١٨٦٩. وهو يحتوي على طائفة من المحاضرات ألقاها المؤلف سنوات عدة، أبان اشتغاله بالتدريس في جامعة كولومبيا عنوانها (نظرة في علم النفس المعاصر) ونشرت بنيويورك لأول مرة سنة ١٩٣١ تحت هذا العنوان (مدارس علم النفس المعاصرة).
ويحاول المؤلف في مستهل كتابه أن يحدد موضوعه وأن يرسم خططه الرئيسية، فيقول في مقدمته (ويحاول هذا الكتاب أن يلقي نظرة موضوعية على علم النفس المعاصر، بالقدر الذي يتعلق بمدارسه، وما تضيء به للإنسانية من أنظار. وهو لا يريد آراء المؤلف الخاصة في أي صورة مذهبية، وإن لم يمتنع عن شروح شخصية هنا وهناك. ثم هو لا يهدف إلى نقد شامل للمدارس المختلفة، ولا إلى تقدير هام حتى يتأدى بالقارئ إلى واحدة منها ويبعد به عن الأخرى، وإنما غرضه أن يقدم صورة لهذه المدارس لا محاباة فيه، حتى يتهيأ للقارئ أن يقف على المعالم الرئيسية لكل منها في غير توسع مربك، ولكن بالقدر من التجسيم الذي يعطي لونا لهذه الصورة.)
وهذه المدارس المعاصرة التي تتوزع ميدان علم النفس فيما بينها، أن دلت على شيء، فعلى حداثة هذا العلم، وعلى أن موضوعه لم يتعين، ومنهجه لم يتضح، وغايته لم تتحدد بعد. ولابد أن تمر عشرات السنين قبل أن يتأدى الصراع القائم بينها إلى موضوع لعلم نفس محدود، منهج واضح، وغاية معلومة، يتفرغ العلماء بعد الوقوف عليها إلى تناول موضوعات جزئية لها صيغة موضوعية داخل هذا الإطار الذي تكون معالمه قد وضحت كما هي الحال في العلوم الطبيعية.