للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكُتب

من التاريخ الإسلامي

تأليف الأستاذ علي الطنطاوي

(يصدر في الأيام القريبة هذا الكتاب الأستاذ علي الطنطاوي مصدراً بهذه المقدمة البليغة. ونحن نسارع إلى نشرها تعريفاً بالكتاب تعريفاً بالكتاب وتشويقاً إليه)

لو رجعت إلى أصول هذه القصص التي يشمل عليها هذا الكتاب، لرأيت أنها لا تجاوز بضع صفحات (من التاريخ الإسلامي) متفرقة في مواضيع منه شتى، وفصول مختلفة لا يتنبه إليها القارئ ولا يقف عليها. وليست أروع ما في تاريخنا ولا هي من أروع ما فيه، وإنما هي أخبار عادية استطاع قلم الأدب أن ينسج منها هذه القصص وأن يعرضها على الناس شيئاً جديداً أو هو كالجديد. فكيف إذا تولاها قلم أقوى من هذا القلم؟ وكيف إذا اختار لها مواقف من التاريخ رائعة عظيمة حقاً؟

وإذا كان أصل هذا الكتاب الذي تفرع عنه، وأساسه الذي بني عليه، بضع صفحات من هذا التاريخ العظيم فكم صورة رائعة، وكم قصة بارعة، وكم من الآثار الأدبية الخالدة يمكن أن تخرج من هذا التاريخ؟

أما إن ذلك ليزيد عن العدد ويجل عن الحسبان، وإن السيرة وحدها لتمد الأدب بألف كتاب أدبي. . . ولكن أدباءنا لم يردوا هذا المورد!

وليست هذه القصة كاملة ولا هي الثمرة الناضجة لهذه الدوحة الباسقة، ولكنها بواكير ثمارها، وإن فيها لنقائص وعيوباً أدرك أما الآن بعض منها، وإن عشت وقدر لي الله أن أسلك سبيل الأدب سلوك المسافر المطمئن، لا المتعثر الضال، وأراحني مِّن هم الكد للعيش ونكد الحياة النمطية الجافة (حياة الموظف).

فلأخرجن على الناس بقصص من التاريخ تبكي منها عيون الصخر ويرق قلب الجماد. وإني لأقرأ في التاريخ ما يزلزل شعوري وهو على اختصاره وجموده على أساليب العلماء، فما له لا يصنع الأعاجيب إذا فصل ووسع وطار في آفاق الأدب؟

وإن لنا من تاريخنا لثروة ما لأمة مثلها. لنا منه عالم يفيض بالحب والإخلاص والنبل والتضحية والبطولة والخلود فيه مآس وفيه ملاحم وفيه من كل فن من فنون الأدب. ولكن

<<  <  ج:
ص:  >  >>