للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[قصص فرعونية:]

قصة سينوحيت

لأديب مصري قديم

بقلم الأستاذ محمد خليفة التونسي

الأدب المغبون:

أما قبل أن نضع القصة بين يديك فلنقف وقفة قصيرة لننظر ما حل بأدب مصر التي تدين لحضارتها بالفضل العميم كل الحضارات التي أعقبتها منذ فجر التاريخ حتى حضارتنا الراهنة في جميع بقاع الأرض.

نعرف لكل أمة أدبها: فلكل من الإغريق والرومان والعرب والأتراك والفرس والإنجليز والفرنسيين والإيطاليين والألمانيين والروس أدبهم، ولأدب كل أمة قراء يقبلون على قراءته ودرسه للتمتع والانتفاع، وله في ثقافتنا نصيب كثير أو قليل، ولكن أدب مصر القديمة لم يقدر له حتى اليوم في اللغة العربية أنصار يقدمونه إلى أبنائها - ولا سيما المصريون - كمل قدر له أنصار مقتدرون في سائر اللغات الأجنبية الحية، ولا يعدو ما كتب باللغة العربية حتى اليوم أن يكون محاولات فردية ضئيلة لا تجد معيناً ولا موالياً، وهوشيء قليل لا خطر له، فهو لا يعرفنا بحقيقة هذا الأدب الرائع وآفاقه التي امتد إليها، ولم يقدر له أن يكون ذا أثر في ثقافتنا الراهنة التي لأدب كل أمة فيها نصيب.

ومحاولتي هذه لا غنى بها عن قراءة ما كتب في هذا الباب في المؤلفات الأجنبية المطولة والمختصرة، فهي محاولة ضئيلة لتعريف القارئ العادي ببعض آثار الأدباء الأقدمين في بعض نواحي الأدب؛ فليعلم أنها جهد المقل إن شاء قنع به في غير مقنع، وإن شاء المزيد اتخذ سبيله إلى التواليف الأجنبية الحافلة بكل ما يشتهيه، وكل ما يقنعه بخطر هذا الأدب الرائع. ولعل هذا يصادف قارئاً أوسع مني فراغاً وأغزر ثقافة وأوفر صبراً فيكون أقدر مني على النهوض بإنصاف هذا الأدب المغبون، وإعطائه ما له في اللغات الأجنبية الحية، فيصحح نظرتنا إلى أولئك الأجداد الكرام حتى نعرف لهم فضلهم ونقدر أدبهم قدره، وذلك في نظري مظهر للوطنية لا يقل جمالاً وفضلاً عن سائر مظاهرها الأخرى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>