للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عصر القصة:

أما بعد فربما كنت أيها القارئ محتاجاً إلى أن يتهيأ لك جو القصة لتكون أكثر فهماً لها وإحساساً بها، فقليل ما وقفنا عليه في تعليمنا المدرسي والجامعي من تاريخ المصريين الأقدمين، وهأنذا أقدمه على قدر المستطاع.

أمر ملك مصر بطليموس فيلادلفوس كاهناً مصرياً كان يعيش في مدينة سمنود ويسمى ما نيثون أن يكتب تاريخ الفراعنة قبله، فصدع بما أمر وابتكر تقسيمهم إلى طبقات أو أسرات.

ومنذئذ حتى الآن وكثير من المؤرخين الذين أعقبوه يتابعونه في ابتكاره فيسلسلون الفراعنة في ثلاثين أسرة، ويقسمون هذه الأسر إلى ثلاث دول: الدولة القديمة وتبدأ بالأسرة الأولى ومؤسسها مينا أو نارمر على خلاف وتنتهي بالعاشرة. والدولة الوسطى وتنتهي بالسابعة عشرة. ثم الدولة الحديثة وتمتد إلى الثلاثين حين أحتل الفرس مصر حتى أجلاهم عنها الإسكندر الأكبر.

قبل أن تأفل شمس الدولة القديمة، وانشيءت الدقة فقل في عهد الأسرة السادسة الذي أعقب عهد بناة الأهرام بدأت مصر تضعف بضعف ملوكها، وظهرت في كل إقليم أسرة قوية على رأسها أمير أغتصب من الملك وظائف الدولة كالإدارة والقضاء وصار له فيه شبه استقلال، وبذلك ظهرت الإمارات أو ما يسمى العهد الإقطاعي.

وكان لكل من هذه الإمارات عاصمة، فكانت تلك العواصم كأرمنت وطيبة وأسيوط تتنازع السلطان وتحترب فيما بينها طمعاً في توسيع رقعتها بالاستيلاء على أملاك جاراتها، وامتدت تلك الفوضى حتى نهاية الأسرة العاشرة.

كان اظهر أسرتين إذ ذاك أسرة هركليوبوليس (أهناسية) وأسرة طيبة (الأقصر) وقد ظلتا تحتربان زمناً وتم الغلب أخيراً لأمراء طيبة فبدأ شأنها يعظم وسلطانها يمتد حتى شمل مصر، وكان ذلك بدء نشوئها وارتقائها حتى نالت شهرتها التاريخية الخالدة. وكما انتصرت طيبة على سائر العواصم انتصر إلهها أمون على سائر الآلهة المصرية فصار أبرزها، وعمت عبادته أرجاء مصر وصار لكهنته السلطان على سائر الكهنة والمصريين.

وقد ساعد على نشوء طيبة وتفوقها موقعها الجغرافي. فهي تتوسط سهلاً خصيباً واسعاً

<<  <  ج:
ص:  >  >>