إن كارثة الإسكندرية من الحوادث الدامية التي تمس شغاف القلب وتغلغل آلامها في النفس. هي فاجعة الجميع وحسرة الوطن وصرخة الإنسانية. هي العذاب المر والظلم المبين والصاعقة بغير موعد ولا إنذار. هي الخوف والفزع، والرعب والهلع. هي النار تندلع والهوة تبتلع. هي النحيب والعويل، ودماء الأبرياء تسيل. هي الهول والوحشية. هي أَنات وجراح، وبكاء ونواح. هي ثكل ويتم وفقر وعُدم. هي ذل وتشتيت وضياع وتبديد. هي قسوة ما فوقها قسوة، ونكبة ما بعدها نكبة. ولئن بكينا فما جدوى البكاء؟ ولئن أشفقنا فما ثمرة الإشفاق؟ من ذا الذي لم يشفق ولم يتألم؟ كلنا واله متحسر؛ ولكن ليست المساهمة في الرثاء والبكاء، وإنما هي مساعدة فعلية لهؤلاء الضحايا الأبرياء. أشعروهم بالرحمة، وليعاونهم كل امرئ بما يستطيع. كم من بيوت كبيرة تسع العشرات! وكم نساء شريدات حائرات! أطفال في نعيم، وأطفال في جحيم. بطون مكتظة بألوان الطعام، وأخرى خاوية من الجوع لا تنام. ذل فوق ذل وحسرات تتبعها حسرات. . . آه لليتيم: فقد الأب الحاني الرحيم. وا حسرتاه للأرملة تنوح من قلب حزين: فقدت الموئل والعائل، واستقبلت الشقاء والهوان، في كنفها أطفال يطالبونها بالقوت والحنان، ستواجه حاجة العيش الملحة. ستريق ماء الوجه وتستنفد كل إحساسها في سبيلهم. وا رحمة للعجوز الثكلى، ادخرت ولدها للأيام وكان كل أملها وسند شيخوختها، فذهب من يدها وغدا حلماً من الأحلامً! ولو كان هماً