للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب في سير أعلامه:]

ملتن. . .

(القيثارة الخالدة التي غنت أروع أناشيد الجمال والحرية

والخيال. . .)

للأستاذ محمود الخفيف

- ٣٣ -

عود إلى الشعر:

وانطوى ربيع الأليزابيثين فكان في ألحانه التي احتبست بانطوائه تلك المقطوعات، وظل الحال كذلك حتى جاء ملتن في صيف البيوريتانز، فغنى في طلائع ذلك الصيف الحان الربيع الراحل؛ وجدد الطائر المختلف لحن هاتيك المقطوعات. وكان ملتن يحب إيطاليا فازداد حبا لتلك المقطوعات في أول عهده بالشعر وهو جنة الشباب وريعانه؛ وكيف لا يتغنى شاعر مثل ملتن بهذا الضرب من الأغاني وفي فسه من الخواطر وفي خصائص شعره من الموسيقى وسحر اللفظ ما يجعه كأنما خلق لهذا الغناء وحده. على أنه كان مقلا فله تبعث على كثير من الأسف، وذلك لانشغاله بأمور الدين والسياسة وان كانت أكثر مقطوعاته وليدة هذا الانشغال

ولكنه على إقلاله قد أضاف إلى تاريخ تلك المقطوعات فصلا ممتعا رائعا في أدب قومه. ولقد كانت مقطوعاته من بعده كالوحي لشعراء القرن التاسع عشرة من قادة المذهب الابتداعي وفي مقدمتهم وردثوث الذي اعجب إعجابا شديدا بمقطوعات ملتن ودأب على محاكاته، ويتضح هذا الإعجاب في مقطوعته التي بدأها بقوله:

(أي ملتن، إنه لينبغي أن تكون موجودا في هذه الساعة، فإن انجلترة في حاجة إليك)؛ والتي وصفه فيها بان نفسه كالكوكب في سموه ومنعزله، وان له صوتا ينبعث كما ينبعث صوت البحر، طاهرا كالسماوات الصافية العارية عليه سماء الجلالة والحرية، وإنه خالد ينتقل مسافرا في طريق الأبدية. وقد تبع وردثورث في إعجابه بملتن بيرون وكيتس

<<  <  ج:
ص:  >  >>