إن الإنسان ليتساءل فيقول: ما هو أساس الحياة؟ تُرى هل هو نمو الحسِّ وحركاته وألمه وعضويته؟ فهذه المسألة لا يمكن الجواب عليها إلا بالاستعانة بالعلم والفلسفة. على أن البحث في الحياة ليس إلا التفتيش عن الحي هل هو ناشئ عن مادة أو هل الحياة الموجودة في الجسد مًحصِّلةٌ لأمور مادية أم خاضعة لمبدأ روحي عقلي؟
ولعمري إن الغوص في بحث الحياة وسبر غورها ليتطلب البحث في النظريات التي وضعها الفلاسفة من القرون الأولى حتى عصرنا الحاضر. وهذه النظريات على نوعين:
(١) النظريات الآلية
(٢) النظريات الحركية
أما خلاصة ما يقوله واضعو النظريات الآلية فهي: إنه من الممكن تعليل الحياة بالخواص الموجودة في كل نوع من أنواع المادة، أي يمكن تعليل الحياة بالحركة التي تصحب المادة. فقد قال (فاندال): (ليس تشكل نبات أو حيوان أو تبلور إلا حادثة ميكانيكية لا تختلف عن قضايا الميكانيك الاعتيادية إلا أن العناصر فيها بسيطة جزئية) على أن كيفية الحركة مركبة، فهي تعلل كل شيء بالمادة، مثال ذلك: تركيب الماء من ليس هو إلا تركيباً مادياً ويدعمون نظريتهم هذه بسلسلة من الأدلة الطبيعية
الدليل الأول: إننا نستطيع إرجاع كل شيء من مظاهر المادة إلى حركة، فالحرارة والنور يرجعان إلى اهتزاز وحركات فَلِمَ لا نعتبر الحياة مثلها ونرجعها إلى الحركات؟
الدليل الثاني: إن مبدأ (لا فوازيه المشهور، والمعروف بمبدأ حصانة المادة وبقاؤها لخير دليل على أن الأجساد الحية لا يوجد فيها شيء غير المواد الكيميائية التي تنتج بتحليلها تحليلاً كيميائياً، إذ أننا لو وَزنَا المواد الحاصلة بعد التحليل الكيميائي ووزنا الجسم المحلل