يقول الحصري: إن البديع حاكى ابن دريد. وهي رواية جديرة بالاهتمام. ولست أعرف أين أحاديث ابن دريد إلا أن تكون بعض روايات القالى عن ابن دريد في الأمالي تتضمن هذه الأحاديث أو أشباهها. ومن ذلك ما رواه القالى عن ابن دريد من سؤال إعرابي في المسجد:(قال أبو علي وحدثنا أبو بكر رحمه الله، قال أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة عن يونس، قال وقف إعرابي في المسجد الجامع في البصرة فقال: قل النيل، ونقص الكيل، وعجفت الخيل، والله ما أصبحنا ننفخ في وضح، ومالنا في الديوان من وشمة. وأنا لعيال جربة. فهل من معين - أعانه الله - يعين ابن سبيل، ونضو طريق، وفل سنة؟ فلا قليل من الأجر، ولا غنى عن الله، ولا عمل بعد الموت).
وأقرب من هذا إلى المقامات حديث المرأة التي سكنت البادية قريباً من قبور أهلها، وهو مروي عن ابن دريد أيضاً، ووصية رجل أعمى من الأزد لشاب يقوده ويؤيد هذا ما رواه بن خلكان عن المرزباني عن ابن دريد
(وقال المرزباني: وقال لي ابن دريد سقطت من منزلي بفارس فانكسرت ترقوتي فسهرت ليلتي. فلما كان آخر الليل غمضت عيني فرأيت رجلا طويلا أصفر الوجه كوسجا دخل عليّ وأخذ بعضادتي الباب، وقال أنشدني أحسن ما قلت في الخمر. قلت ما ترك أبو نواس لأحد شيئاً فقال أنا أشعر منه. فقلت ومن أنت؟ فقال أنا أبو ناجية من أهل الشام وأنشدني:
وحمراء قبل المزج، صفراء بعده ... أتت بين ثوبي نرجس وشقائق
حكت وجنة المعشوق صرفا فسلطوا ... عليه مزاجا فاكتست لون عاشق
فقلت أسأت، فقال ولم؟ قلت لأنك قلت وحمراء، فقدمت الحمرة ثم قلت بين ثوبي نرجس وشقائق فقدمت الصفرة، فهلا قدمتها على الأخرى؟ فقال ما هذا الاستقصار في هذا الوقت يا بغيض؟
وجاء في رواية أخرى أن الشيخ أبا علي الفارسي النحوي قال أنشدني ابن دريد هذين البيتين لنفسه، وقال جاءني إبليس في المنام وقال أغرت على أبى نواس، فقلت نعم، فقال