(إلى القانوني الأديب الأستاذ عبده حسن الزيات تحية شكرية
وإعجابي)
للأستاذ عدنان الخطيب
٢ - الغيرة القومية:
في مصر قضاءان، كان الأجنبي منها دائرة تحصيل وتشجيع للأجانب على امتصاص أموال البلاد، والتمادي في الاستعلاء على أصحابها الشرعيين، يوم كان (. . يقاد الفلاح الأمي، ويقاد المصري الذي يتصبب عرقاً فلا يملك وقار نفسه حين يستطيع أن يقرأ أنباء الوفيات في صحيفة عربية، وتقاد الأرامل الغرير، يقاد هؤلاء، ويقاد من هو أجهل منهم وأضعف إلى أقلام كتاب المحاكم المختلطة فيمضون أو يبصمون أوراقاً لا يميزون أسفلها من أعلاها، ولا يجرءون أن يرفعوا عيونهم إلى الموثق العظيم الذي يحررها، ثم ينصرفون ويقال (عقود رسمية) لا يكلف تنفيذها هذا الدائن المرابي أو المخاتل، إلا أن يدفعها إلى أقلام المحضرين أو ينزع بها ملكية العقار، فهي كالحاكم أو أقوى، هي الحكم الذي ظهر بغير دفاع، وبغير مستندات، وبغير معارضة، وبغير استئناف، وبغير التماس.
وكان أيضاء الأهلي مفخرة يفاخر بها الشرق العربي إذ كان فيه رجال كسعد وإخوانه، تقرأ أحكامهم فتجد فيها (فقهاً جباراً سليما، وعقلا قانونياً بالطبع، لا تختلط عليه شعرة بشعرة) وإذا انتهيت منها انتهيت (إلى نتيجة لا ترضى القانون وحده، ولكنها ترضى العاطفة الوطنية أيضاً).
اسمع سعداً يرد على مصري أحب أن يحتمي بالقضاء الأجنبي صارخاً في وجهه (لا سلطة لقوانين المحاكم المختلطة إلا على الحقوق المختلطة)، وهناك أحكام كثيرة إن قرأتها وجدت فيها صورة صادقة عن (جهاد سعد الأول في مكافحة الامتيازات وتمصير القضاء) ذلك