للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[هذا العالم المتغير]

للأستاذ فوزي الشتوي

أعصابك ولماذا تثور؟

كيف تنشأ احساساتنا المختلفة من حب وحقد وغضب أو قلق واضطراب؟ كل هذه الاحساسات منشأها تكوين المخ، ففي وسطه فص صغير في حجم البندقة اسمها السلامي. وهي قديمة جداً في تركيب أجهزتنا العصبية ورثناها فيما ورثنا عن أجدادنا الأول الذين كانوا يعيشون بشريعة الغاب.

ويقابل السلامي في المخ ويحاول السيطرة على احساساتها قشرة رفيعة تغطي المخ وفصوص صغيرة موزعة خلف الجبهة، وهذان الجهازان حديثان في التركيب العصبي للإنسان. وبهما نفكر ونتنبأ ونتغلب على احساسات السلامي التي وهبتنا إياها الطبيعة في بدء الخليقة لتكون بمثابة جرس الإنذار ينبهنا إلى الخطر أو الجوع.

والسلامي دائمة الطلبات فهي تدعوك دائما إلى الإقبال على الخمر والميسر أو ما يطابق طبيعة الغاب الأولى من تخلص من القيود؛ فإذ طلبت السلامي كأس خمر تصدت لها قشرة المخ وفصوص الجبهة قائلة حذار فإنك تعرف أن الخمر منكر وأنك تفقد وعيك وترتكب أعمالا شائنة إن سكرت.

وإن أغلق الباب بعنف وأنت في ظلام الليل الرهيب صرخت السلامي (عفريت قادم لقتلك)، فتجيبها الأخريان: (كلا. . . إن هذا إلا ريح عاصف) وهكذا دواليك؛ فالسلامي تدفعك إلى عالم الخيال والخزعبلات، بينما قشرة المخ وفصوص الجبهة تعيدك إلى عالم الحقيقة والمنطق.

ويقول العلماء إن الموسيقى تخفف من حدة السلامي وتهدئ إحساساتها؛ ولهذا فإن الأنشودة العاطفية تثير فينا احساسات الحب والصداقة بينما الأنغام العسكرية القوية تثير فينا الشجاعة والتضحية. وهذه الاحساسات تظل مسيطرة إلى أن يعيدها إلى الواقع شيء من منطق القشرة وفصوص الجبهة.

دراسة تربة النيل

<<  <  ج:
ص:  >  >>