كتب الأستاذ عبد القادر رشيد الناصري في العدد ٩٢٥ من الرسالة الغراء مقالة بعنوان (الدخان في الشعر) استعرض فيها بعض القصائد في الدخان لبعض الشعراء العراقيين.
وأول ما تناول كاتب المقال قصيدة (العادات قاهرات) للمرحوم الرصافي المنشورة في ديوانه الأول المطبوع سنة ١٩١٠م بالمطبعة الأهلية ببيروت.
ولقد استوقفتنا بعض العبارات التي دونها الأستاذ بيراعه على صفحات الرسالة. وإظهاراً للحقيقة ودونا التعليق والرد على ما جاء، بهذه الفقرات التالية لكي يقف على الحقيقة. الفقرة الأولى: -
علق الأستاذ على هذه الأبيات من أنها خير دليل على كذب الرصافي
إن كلفتني السكارى خمرتهم ... شربت لكن دخاناً من سيكارتي
إني لأمتص جمراً لف في ورق ... إذ تشربون لهيباً ملء كاسات
إن الرصافي نشر هذه القصيدة بديوانه المنشور سنة ١٩١٠م وربما نظمها قبل هذا التاريخ ببضع سنوات، وبهذه الفترة الزمنية في حياته كان صادق اللهجةفي إنكاره الخمرة بعيداً عما يتصوره الأديب، حيث أنه لم يتحرر من العامل الديني آنذاك تحريراً كلياً، إذ كان يقتصر على التدخين وحده، ولا يرى في الكأس إلا سماً زعافاً.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا إنه شاعر، والشاعر له احساسات وعواطف يحس فيها بقرارة نفسه، فيتناول براعته ليضعها في قوالب موسيقية متناسقة، ويلبسها حلة زاهية. ولو علم أن ما كتب مخالف لما هو عليه، فرائده تدوين ما انبثق من حسه وما يتصور من شعور.
ولو فرضنا جدلاً أن الرصافي يحتسي الخمر حقا في تلك الحقبة الزمنية فقصيدته جاء بها عن طريق النصح والارشاد حتى يتعظ القارئ ويقتنع من قول ناصحه.
ولقد سلك الرصافي مسلكاً تحليلياً لإبانة ضررها بصورة يشعر المطالع لها أن ناظمها ممن يجب الاقتفاء بأثره فيتخذ بنصحه فهذا لا يعتبر كذباً.