أهبت بالحظ لو ناديت مستمعاً=والحظ عني بالجهال في شغل
(الظفراني)
الحظ أو البخت أو الجد أو غير ذلك من المترادفات العديدة التي تعني حسن الطالع والمصادفة الموفقة، إنما هي ألفاظ كثيرة الانتشار تجري على كل لسان بل وفي كل زمان ومكان.
والاعتقاد في الحظ من سعيده أو سيئه ليس مقصوراً علينا نحن معشر الشرقيين دون غيرنا من أمم الأرض؛ فالغربيون بالرغم من دعوتهم بأنهم أكثر منا واقعية - وإن كانوا أجنح إلى المادية - يؤمنون أيضاً بالحظ وربما سبقونا في هذا المضمار.
كلمة الحظ يرددها خاصة الناس وعامتهم. يرددها الغني في لهفة وجشع يود المزيد ويخشى الفقر والإملاق، وهو يشكر للحظ ابتسامته في كثير من الأحيان، لأن الثراء يجذب الثراء من غير كبير عناء، وإنما العناء والمشقة هما في بداية الأمر عند وضع حجر الأساس لصرح ذلك الثراء. والأمل وما فيه من حياة لمحتضر، ومال لعوز، وسعادة لشقي، وأنس لشجي؛ هذا الأمل يخول الفقير المعدم أن يترقب ابتسامة الحظ وإن كانت ابتسامة شاحبة حيناً وعبوساً وتنكراً من جانب في معظم الأحيان فيتبرم بحظه ويشكو من قسوة دهره.
ظاهرة الحظ قديمة كالأزل، فقد ندب آدم - عليه السلام - حظه وشكا من سوء طالعه الذي أوقعه في الخطيئة بأكله من الثمرة المحرمة وما ترتب على ذلك من عقوبة وحرمان هما فقدانه الفردوس وخروجه منه، فكانت جناية جناها على نفسه وعلى بنيه من بعده.
والإنسان من أقدم العصور قد شخص بصره إلى السماء يرصد نجومها ويترقب ما يجري في عالمها، يسائلها عما يخبئه له الغيب من حظ سعيد أو نحس يحل به. وقد تمخض عن ذلك علم (التنجيم) ثم تطوره بمرور الزمن إلى علم ثابت الأساس هو علم الفلك الحديث. ولأسباب مشابهة - إن لم تكن مطابقة - بحث عن (حجر الفلاسفة) الذي إذا ما لامس معدنا ما صيره ذهباً فجلب بذلك السعد والغنى؛ وقد كان ذلك من أكبر العوامل في وجود