. . . في صباح يوم السبت توجهت إلى بهو أمانة العاصمة لأؤدي واجب التحية، تحية العيد إلى وزراء الدولة. وقد ظنني فخامة الرئيس عراقياً، لأني كنت بالسدارة، فسرني ذلك. وكانت فرصة طيبة عيدت فيها على رجال كنت أحب أن أذهب إليهم في منازلهم؛ وراقني أن يعرف العراقيون مكاناً عاماً يلتقون فيه يوم العيد، وهي عادة حسنة كنت دعوت إليها في الرسالة التي قدمتها للمباراة الأدبية الرسمية: رسالة (اللغة والدين والتقاليد)
وتلفتّ فرأيت الدكتور حسين كامل يشير اليّ، وما هي إلا لحظة حتى كانت يد كريمة تصافحني وتقول: أنا الدكتور شوكة الزهاوي رئيس الجمعية الطبية العراقية، وقد سألت عنك مرات لأن أسمك يرد كثيراً في المخابرات التي تجري بيننا وبين الجمعية الطبية المصرية. والحمد لله على أن اهتديت إليك بعد التشوف والاشتياق
ثم أستطرد فقال: إيش لون ليلى؟ (واللون في عرف العراقيين هو الحال في عرف المصريين)
فقلت وأنا أبتسم: ستعرف ذلك يوم ألقي بحثي في المؤتمر الطبي عن ليلى المريضة بالعراق
فقال: عجل بدفع الاشتراك ليحفظ لك مكانك بين الخطباء
فأخرجت ديناراً لم يكن معي سواه وقلت: إليك الدينار في سبيل ليلى! والله المستعان
والظاهر أنه لم يعرف شيئاً عن الرسالة التي كلفت الأستاذ الزيات تبليغها إلى الجمعية الطبية المصرية (ولا تغضب يا صديقي الزيات من كلمة تكليف، فكذلك قلت، وما أكذب عليك)
وفي المساء ذهبت إلى نادي المعارف واشتركت في استقبال الكشافة السورية، وألقيت خطبة تناسب المقام. وما كادت تنقضي الحفلة حتى عدوت إلى منزلي لأنتظر وصيفة ليلى
وجاءت الساعة العاشرة ولم يحضر أحد، فقلت في نفسي: هذا جزاء الفضول!
ثم تذكرت أني أؤدي خدمة وجدانية سيذكرها التاريخ فأنشرح صدري بعض الانشراح