للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الملك الظاهر]

زيارة ضريحه بدمشق

للأستاذ أبي أسامة

وتضحك مني شيخة عبشمية ... كأن لم ترى قبلي أسيراً يمانياً

قلت: مهلا فإني أنحدر من تاريخ طويل من المجد والبطولة؛ وليس في وسعنا نحن أبناء هذا الجيل الزاحف أن ننساه أو نغض الطرف عنه، بل إني لأشعر بالفخر يملأ نفسي، نعم لأني أشعر بالبطولة تملأ جوانب تاريخي

قالت: ومن هم أبطالك؟

قلت: كنجوم السماء لا تملك لهم عدا

قالت: حدثنا عن النفس القوية عندكم التي لا تربط حظها بما تؤمله من مساعدة الغير لها، ولا تعتمد على أهواء الناس وآرائهم وأحكامهم، وإنما تعتمد على عملها وحده الذي يخلق لها الحظ الذي تستحقه والذي هو جدير بها

قلت: اخترت الملك الظاهر بيبرس، إذ هو في نظري من أولئك الذين يعتمدون على القوة الكامنة في شخصيتهم، بل من الذين اتخذوا من أنفسهم قوة منظمة مدركة للعوامل المحيطة بهم، فوضع كل عامل في مركزه الخاص به، ثم جمعها وحشدها ووزعها، فاستعملها للوصول إلى الأهداف التي قصد تحقيقها، وكان النصر حليفه وطوع بنانه

قالت: آتنا من بعض أخباره

قلت: لست بمؤرخ، وإنما سأحاول أن أرسم التاريخ وأخرجه صورة حية:

نحن في سيارة من بيروت إلى دمشق ومعي صديقي، وكان ذلك في صيف ١٩٤٢، فإذا أنا أرتل قول القائل:

لئن عاينت عيناي أعلام جلق ... وبان من القصر المشيد قبابه

تيقنت أن البين قد بان والنوى ... نأى شحطها والعيش عاد شبابه

هذه دمشق قد بدت تطل بوادرها عليك من وراء عقبة دمر، فإذا بالمرجة الخضراء تغمرك بروحها كما تغمر الأرض مياه بردى المندفعة، فتشعر بأنك تدخل عالماً لم يكن غريباً عنك في يوم من أيام حياتك

<<  <  ج:
ص:  >  >>