من وعود خطاب العرش الأخير أن (تعني الحكومة بما يرفع مستوى الصحافة ويحفظ كرامتها، ويكفل في حدود القانون حريتها، وأن تعرض على البرلمان مشروعاً لهيئة الصحافة ينظم ما لها ولرجالها من حقوق وامتياز، وما عليهم من تكاليف وواجبات)
وهذا عمل واجب، ولكن كيف يكون؟
إصلاح الصحافة والصحفيين أمر محمود مطلوب، ولكن من هم الصحفيون قبل كل شيء؟
هذه أول صعوبة في المسألة، لأن إنشاء هيئة للصحفيين ليس كإنشاء هيئة للمحامين أو للأطباء أو للمهندسين؛ إذ كل طائفة من هذه الطوائف لها شروط محدودة ومؤهلات معلومة لا يقع الخلاف عليها. أما الصحفيون فليس من السهل تعريف الصحفي الذي يجب أن يحسب منهم على وجه يبطل فيه الخلاف
فهل الصحفي هو مالك الصحيفة؟ أو هو المحرر في مكتبها؟ أو هو المراسل لها من الخارج، أو هو مدير أعمالها؟ أو هو الكاتب أو المحصل أو الوكيل أو متعهد البيع الذي يتصل بها؟
كل أولئك يعملون في الصحافة وينتظمون تحت عنوانها، وليست مصالحهم مع ذلك متفقات في جميع الأحوال؛ فما هو من مصلحة مالك الصحيفة قد يكون إجحافاً بمحرريها وموظفيها، وما هو من مصلحة المحررين قد يكون إجحافاً بمالكها أو متعهد بيعها، وقد تتسع المشكلة بين الفريقين حتى تتناول المشكلة (الأبدية) القائمة بين العمال وأصحاب الأموال
فأما إذا قلنا إن الصحفي هو الكاتب أو المشرف على مادة الكتابة فما هو شرط الكاتب في صحيفة يومية؟ وما هو شرط الكاتب في مجلة من المجلات على اختلاف أغراض هذه المجلات؟
قد تكون الصحيفة قانونية فهي في حاجة إلى كفاءة محام، أو طبية فهي في حاجة إلى كفاءة طبيب، أو مدرسية فهي في حاجة إلى كفاءة معلم. وقس على ذلك سائر الصناعات والموضوعات