للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كلمات]

للأستاذ علي الطنطاوي

٥ - مشكلة وجبة

سيدي الوجيه الكبير

قرأت كتابك الذي أرسلته إلى، وفهمت قصتك الطويلة، أما رأيي الذي تقسم على بأن أعلنه بصراحة، وأن أنشره.

فإني أخاف أن تغضب إذا أبديته لك، أو أن يلومني على إبدائه القراء.

لأن رأيي فيك يا سيدي المحترم أنك. . . أحمق كبير، ولا مؤاخذة، وأنك لا تصلح أبا لهذه البنت العاقلة، وأنك مع الأسف صورة لأكثر الآباء، لا تختلف عنهم إلا كاختلاف نسخ القصة المطبوعة بعضها عن بعض. فهمت من كتابك أن الخاطب الذي رغبت فيه ابنتك محام فقير، لا يملك إلا شرفه وخلقه وعزة نفسه، والمال الذي يأخذه بكد يمينه، وعرق جبينه

وأن الخاطب الشاب الجميل الغني المدلل وحيد أبويه، اسم الله عليه، الذي يملك وزنه ذهباً، لم تقبل به البنت لأنه ليس بصاحب علم، ولا بذي مهنة، وأنها أبت من تريد، وأبيت من أرادت، فبقيت بلا زواج.

وأنك حائر في هذه المشكلة لا تدري ماذا تصنع؟

ومشكلتك هذه يا سيدي مشكلة البلد كله.

مشكلة سببها أنتم أيها الآباء الذين يحسبون البنت سلعة فيهم يريدون أن يبيعونها، لمن يدفع فيها الثمن الأكبر، ويظنون الزواج صفقة تجارية، فيهم يتمنون أن يخرجوا منها بالربح الأوفى

أنتم سلبتم الزواج معناه الإنساني العاطفي، وجعلتموه معاملة مالية، يبحث فيها عن المهر والجهاز، والحفلات والولائم، قبل أن يبحث عن التوافق والحب، والسعادة الزوجية.

أنتم وضعتم الأشواك في طريق الشباب الذين يريدون بناء البيت، وإنشاء الأسرة، وإرضاء الله والخلق، وأقفلتم في وجوههم أبوابكم، ففتحتم لهم بذلك باب الفجور والفساد، وعبدتم لهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>