في سنة ١٨٥٧ ولد الفريد بينيه السيكلوجية الفرنسي الشهير، وتخرج في جامعة الصربون. ولما نال دبلوم التاريخ الطبيعي سنة ١٨٩٠ عين مساعداً للأستاذ بوني مدير معمل علم النفس وعلم وظائف الأعضاء في الصربون. وفي سنة ١٨٩٤ نال بينيه الدكتوراه، وتقاعد الأستاذ بوني فحل الأول محل الثاني في إدارة معمل علم النفس. ومن ذلك الحين بدأ كلاهما - وانضم أليهما آخرون - في تحرير مجلة (العام السيكلوجي) ' هذه المجلة لسان الحركة السيكلوجية الفرنسية. وفي هذه المجلة - التي سنشير إليها في مواضع مختلفة من هذا المقال - نشر بينيه كثيراً من المقالات عن الذكاء ومقاييسه والفروق الفردية. ولكن حياته الحافلة بالبحث والإنتاج لم تطل، فقد عاجلته المنية سنة ١٩١١
بدأ بينيه تجاربه لمعرفة الفروق العقلية بين الأفراد بقياس الذكاء بالطرق التي كانت معروفة في عهده في معامل علم النفس، كطرق جولتن وكاتل - التي أشرنا إليها في مقالات سابقة - وكقياس سرعة الإحساس، وسرعة الحركة، وسرعة الرجع. ولكنه ما لبث أن نبذ هذه الطريقة التي سماها (طريقة الآلات النحاسية) وفكر في طريقة لا تحتاج إلى آلات بل إلى قلم وقطعة ورق وقليل من الحبر كما يقول هو
وفي سنة ١٨٩٦ اختبر ثمانين طفلاً بعرض صور متشابهة عليهم، ومطالبتهم بالإجابة عن أسئلة وضعها لهم. وقد وصل بتجاربه واختباراته هذه إلى أن هناك ذكاء وراثيا وثقافة مكتسبة يجب التمييز بينهما، وأنه لقياس الذكاء الوراثي يجب أن تكون الاختبارات متعددة ومتنوعة بحيث نقيس كل مظاهر القدرة على التكييف، تلك القدرة التي سماها الذكاء
كذلك قرر بينيه أن الذكاء إنما يظهر في التصرفات التي تحتاج إلى بناء وتركيب أي أكثر من التي تحتاج إلى تحليل وفي معالجة الأمور التي تحتاج إلى تنظيم أكثر من أدراك هذه الأمور وتمييزها (أو في كلمة واحدة: الذكاء هو عملية تكوين وتركيب). ومن أجل ذلك استعمل بينيه لقياس هذا الذكاء اختبارات تحتاج إلى بناء وتكوين، كأن يعطي الطفل