مهما قيل في تصريح الحكومة الإيطالية في بدء الحرب عن التزامها طريق الحياد، فمما لاشك فيه أن هذا التصريح قد قوبل بالثقة التامة داخل إيطاليا وخارجها.
وقد كانت الصحافة الإيطالية صريحة في التعبير عن نيات موسوليني في حماية المصالح الإيطالية الخاصة. فكتبت جريدة (رجيم فاشستا) بعد إعلان الحرب ببضعة أيام تقول:
(إن إيطاليا ستفي بتعهداتها ولاشك، ولكن في حدود مصالحها الخاصة التي تضعها الحكومة فوق كل اعتبار، وتنظر إليها كما تنظر إلى النجم القطبي، كلما أرادت تحريك الدفة لتوجيه سفينة البلاد. فما هي مصلحة إيطاليا في الموقف الحاضر؟ قد تنضم إيطاليا إلى ألمانيا وروسيا ضد الحلفاء، ولكن الحكومة الفاشستية لا تخطو هذه الخطوة إلا إذا كانت على ثقة تامة من انتصار الدكتاتوريات الثلاث على الديمقراطية الغربية. وإذا صح هذا الفرض، فإن إيطاليا ستعجز عن الوقوف أمام ألمانيا وروسيا إذا أرادت أن تطالب بنصيبها من الغنيمة في البحر الأبيض المتوسط والمستعمرات باعتبارهما صاحبتي السلطة الحقيقية في أوربا وما يتبعها من البلاد. وسوف تنال روسيا ما تريده من آسيا والبلقان فضلاً عما نالته فعلاً في بولندا وولايات بحر البلطيق، وتترك إيطاليا لتلعب دوراً آخر تكون فيه سياستها الخارجية المالية والاستعمارية والثقافية، تابعة لأهواء الألمان المنتصرين.
وهناك الفرض الآخر وهو الأكثر احتمالاً: وهو انتصار الدول الديمقراطية. وفي هذه الحالة تستطيع إيطاليا أن تختار بين صداقة الأمم المنتصرة كما يدل سلوكها مدة الحرب، ومعارضة يدفعها إليها شيء من عدم الثقة، الذي قد يبعثه غموض الموقف ويضاعف تأثيره اختلاف المبادئ السياسية. . . وإذا كنا لا نستطيع أن نصل إلى حل هذه المشكلة التي يرجع أمرها إلى الظروف والأحوال التي تظهر بعد الحرب، فإننا نستطيع أن نحلق حولها، ونلم بأطرافها
إن الذين يقدرون مستقبل الشعوب بالنظر إلى قواها المادية، ويهملون تقدير القيم الأدبية والأخلاقية، يخدعون أنفسهم في الحقيقة، فهذه القيم هي مصدر النصر في النهاية، إذ الدافع