كان صدور (الرسالة) فتحا جديدا في الأدب العربي، وخطوة كبيرة في ميدان العلوم والفنون، وهي الآن في شكلها الحاضر تعد آية في غزارة موادها، وحسن طبعها، وأنيق رسمها، وسحر مقالاتها، وبديع منظرها، ومنظر غلافها الرائع.
وإذا أنعمنا النظر إليها من حيث مركزها الأدبي في الوقت الحاضر، نجدها - مع قرب صدورها - قد أصبحت في طليعة المجلات العربية الأدبية، وكونت لنفسها مركزا ساميا، بين كثير من أخواتها التي مع قدمها لا تزال سائرة متطلعة إلى مثل هذه الدرجة العالية والمنزلة الرفيعة.
وصدورها في (مصر) العربية - التي لها الحق في ان تفتخر وتزهى على بقية الأقطار العربية بكثرة مجلاتها المتنوعة، ووفرة جرائدها المختلفة - لم يكن حاجزا دون انتشار صداها في عموم البلاد العربية وأبنائها، ولم يمنعهم وجود البون الشاسع، والحواجز الطبيعية الجغرافية، وتفرقهم في مختلف الأقطار، من أن يجعلوها (منبرا) عاما لنشر ثمار قرائحهم الوقادة، وعصارة أفكارهم الثاقبة، ونتائج تجاربهم الأدبية والعلمية، وآرائهم القيمة العالية، واقتباساتهم الطريفة الظريفة، من الثقافة العربية لملائمة للذوق العربي الشرقي.
خذ أي عدد من أعدادها الثمينة فلن تجده إلا عنوانا للرابطة الأدبية العربية الوثيقة. فهذه المقالة لكاتب مصري بليغ، وتلك قصيدة منشأة أو مترجمة عن الإنجليزية أو الفرنسية لشاعر في سوريا أو العراق أو الموصل، من غير أن تتعصب لطائفة مخصوصة - شأن كثيرة من المجلات - أو تقديم كاتب وطني على غيره، أو التشدق بالنعرة الوطنية.
هذه الظاهرة الجليلة التي امتازت بها هذه المجلة الغراء تحملنا على أن نسميها بحق: مجلة العالم الأدبي العربي - ولا تتجاوز سياج الحقيقة والواقع، إذا سميت بهذا الاسم أو اتخذته شعارا لها.
وهذه الميزة الواضحة السامية، هي التي ألجأتني وحفزتني إلى كتابة هذه الأسطر، مع إظهار الأسف الزائد إذ لم تقع عيني وأنا أراجع الفهرس للسنة الأولى، وأتتبع إعداد السنة الثانية على اسم كاتب حجازي يكون قد اشترك مع إخوانه وزملائه المعاصرين في الأدب،