قال أبو حيان التوحيدي: جرى بيني وبين أبي على مسكويه شيء: قال لي مرة: أما ترى إلى خطأ صاحبنا - وهو يعني ابن العميد - في إعطائه فلاناً ألف دينار ضربة واحدة: لقد أضاع هذا المال الخطير فيمن لا يستحق.
فقلت - بعد ما أطال الحديث وتقطع بالأسف -: أيها الشيخ! أسألك عن شيء واحد فاصدق فإنه لا مدبَّ للكذب بيني وبينك، لو غلط صاحبك فيك بهذا العطاء وبأضعافه وأضعاف أضعافه أكنت تتخيله في نفسك مخطئا ومبذراً ومفسداً أو جاهلاً بحق المال، أو كنت تقول: ما أحسن ما فعل، ويا ليته أربى عليه. فان كان الذي نسمع على حقيقته فاعلم أن الذي يرد ورد مقالك إنما هو الحسد أو شيء آخر من جنسه، وأنت تدعي الحكمة وتتكلف في الأخلاق، وتزيف الزائف، وتختار المختار؛ فافطن لأمرك.
٦٣٣ - وأكره أن يكون على دين
خطب أعرابي إلى قوم فقالوا: ما تبذل من الصداق؟ وارتفع السَّجْف فرأى شيئاً كرهه؛ فقال والله ما عندي نقد، وإني لأكره أن يكون علىْ دين. . .
٦٣٤ - نحن إلى إمام فعال أحوج منا إلى إمام قوال
في (محاضرات الراغب):
كان أبو بكر بن قريعة (قاضي السندية وغيرها من أعمال بغداد) من عجائب الدنيا في سرعة البديهة بالأجوبة عن جميع ما يسأل عنه في أفصح لفظ، وأملح سجع. وكان رؤساء ذلك العصر والعلماء يداعبونه ويكتبون له المسائل الغريبة المضحكة فيكتب الأجوبة من غير توقف ولا يكتب إلا مطابقاً لما سألوه. فمن ذلك ما كتب به بعض الفضلاء: ما يقول القاضي (أيده الله تعالى) في رجل سمّى ولده مداماً، وكنّاه أبا الندامى، وسمى ابنته الراح، وكناها أم الأفراح، وسمى عبده الشراب، وكناه أبا الإطراب، وسمى وليدته القهوة، وكناها أم النشوة، أينهى عن بطالته، أم يؤدب على خلاعته؟