للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تاريخ ثوكيديدس]

للأستاذ سيد محمد سيد

ثوكيديدس. . وأعني به ذلك المؤرخ المعروف الذي أرخ لنا الحروب البلوبونيزية التي نشبت بين إسبرطة وأحلافها من جهة وبين الإمبراطورية الأثينية من جهة أخرى وذلك في النصف الثاني من القرن الخامس قبل ميلاد المسيح.

والتاريخ في حد ذاته فن يحتاج إلى عدة عناصر يجب أن تتوافر في المؤرخ، منها مثلا معرفة الحقائق والاستعداد لتسجيلها بأمانة وإخلاص، وكذلك الاستعانة بالخيال - إلى حد ما - لتصوير الشخصيات وإبراز النتائج.

ونحن نعلم تماماً أن المعرفة ليست من السهولة بمكان، كما أنه يصعب التوفيق بين الدراسة العميقة والخيال الخصب، ومع ذلك فقد تجمعت لثوكيديدس من هذه العناصر ما ترفعه إلى مصاف أعظم المؤرخين، وربما كان هذا رأى (ما كولي) المؤرخ المعروف الذي كتب في مذكراته: لقد انتهيت اليوم من قراءة ثوكيديدس وتاريخه بكل شغف وإعجاب، وأستطيع أن أقرر أعظم مؤرخ ظهر إلى اليوم.

ولا أرى بأسا من أن أشير إلى سيرة هذا المؤرخ إشارة وجيزة تمهيداً للكلام عن تاريخه.

ولد ما بين سنتي ٤٧، ٤٦ قبل الميلاد في أثينا ضد الإسبرطيين خلال حروب البلوبونيز، وقد قصَّ علينا في (كتابه الرابع) فشله في هذه المهمة بإيجاز وخشي أن يعود الى وطنه يجر أذيال الخيبة والخسران، فولى وجه شطر بعض الولايات المعادية لا أثينا في البلوبونيز. ثم بدء يكتب تاريخه.

وقد استغرقت الحوادث التي دونها الربع لأخير من القرن الخامس ق. م وعنى بذكر حرب البلوبونيز بصفة خاصة فلم يشر في كتاباته إلى الإمبراطوريات القائمة وقتئذ مثل إمبراطورية الفرس ومصر إلا بقدر ما تؤثر في مجرى الأمور في ولايات الإغريق.

وعلى الرغم من أنه في هذه الفترة من التاريخ القديم عاش فطاحل الأدب والفلسفة والفن أمثال هردود وايسوخلوس وقيدياس واوبربيرس وسقراط فإن ثوكيديدس لم يذكر في كتاباته اسم أحد من هؤلاء كما لم يشر إلى أعمالهم بشيء الآن كل ما وجه إليه عنايته في تاريخ الحروب البلوبونيزية مما جعل البعض يطلق عليه أنه مؤرخ هذه الحروب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>