منذ أسابيع قلائل كان عميد الشعر الإنكليزي المعاصر روديارد كبلنج يحتفل ببلوغه السبعين من عمره؛ ولكن الشاعر الأشهر لم يلبث أن مرض بعد ذلك بقليل، ثم توفي في الثامن عشر من يناير الجاري
وقد ولد روديارد كبلنج في الهند بمدينة بومباي سنة ١٨٦٥ وكان أبوه جون كبلنج فناناً أديباً؛ وكان وقت مولده يشغل منصباً في مدرسة الفنون الجميلة ببومباي؛ وتلقى كبلنج تربيته في إنكلترا في كلية ديفون؛ ثم عاد إلى الهند في سن السابعة عشرة؛ واشترك في تحرير صحيفة إنكليزية تصدر في لاهور. وفي سنة ٨٦ أخرج كبلنج أول آثاره الشعرية في مجموعة سماها (الأغاني الإقليمية)؛ وأعقبها بمجموعة قصصية عنوانها (قصص من التلال) وتوالت آثاره القصصية بعد ذلك فأخرج منها، (الأبيض والأسود) و (الشبح ركشو) و (وي ولي وتكي) وغيرها؛ فذاعت هذه القصص في الهند والصين واليابان، وطارت شهرة كبلنج إلى ما وراء البحر، واستقبل كبار النقدة فيه قوة أدبية جديدة، وتجول كبلنج في بضعة الأعوام التالية في الهند والصين واليابان وأمريكا، ثم عرج على إنكلترا حيث سبقه صيته، واستقبل بما يليق بأدبه وشعره من التجلة والتكريم؛ وتجول بعد ذلك حيناً في أفريقية، ونشر عن سياحاته العديدة كتاباً سماه (من بحر إلى بحر) وفي سنة ١٨٩٠ أخرج كبلنج مجموعة قصصية عنوانها (نضال الحياة) وأتبعها بأخرى اسمها (النور الذي خبا) بيد أن عبقرية كبلنج الأدبية تصل الذروة في كتابيه الشهيرين: (كتاب الغابة) وكتاب (الغابة الجديدة)، وهما كتابان قصصيان عن حياة الحيوان في الغابة على مثل كتاب (كليلة ودمنة) في أدبنا العربي، وعلى مثل بعض قصص الحيوانات والطيور التي وردت في ألف ليلة وليلة؛ وفيها يعرض كبلنج بعض خواص الحيوان الطبيعية والنفسية عرضاً رائعاً ساحراً؛ وكان ظهور هذين الكتابين الأول في سنة ١٨٩٥ والثاني في سنة ١٨٩٦، أعني حينما بلغ كبلنج الثلاثين من عمره. ويعتبر النقدة كتابي (الغابة) أروع ما في أدب كبلنج وإنتاجه.
واستمر كبلنج في إنتاجه الأدبي يخرج المجموعات القصصية والشعرية تباعاً، ويرتفع باستمرار في سماء المجد والشهرة. ومن مجموعاته الشعرية الشهيرة غير ما تقدم (الأمم