للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[رسالة الشعر]

نَهْرُ النّسْيان. . .!

(إلى الذين هموا بالرحيل ولم يعرفوا إلى أين. . .!)

للأستاذ محمود حسن إسماعيل

اِسْقِيَانِي مِنْ خَمْرَةِ النِّسْيَانِ ... وَانْسَيَانِي فَقَدْ نَسِيتَ زَمَانِي!

وَنَسِيتُ الشَّبَابَ وَالسِّحْرَ وَالأَحْ ... لاَمَ وَالْفَنَّ وَالرُّؤَى وَالأَغَانِي

وَنَسِيتُ الْمُنَى وَكَانَتْ شُعَاعًا ... بَاهتَ الظِّلَّ حَاَئرًا في جَنَانِي

وَنَسِيتُ الأَسَى وَكَانَ رِيَاحًا ... أَزْجَتِ الْجِنُّ خَطْوَهَا في كِيَانِي

وَنَسِيتُ الأيَّامَ حَتَّى تَلاَشَتْ ... كَهَشِيمٍ عَلَى تُرَابِ الزَّمَانِ

وَنَسِيتُ الأنْغَامَ رَعَّاشَةَ الشَّدْ ... وِ حَيَارَى حَزِينَةَ الْعِيدَان

وَنَسِيتُ الدُّمُوعَ وَهْيَ أَغَانٍ ... أَخْرَسَتْهَا زَوَابِعُ الأَحْزَانِ

غرِدَاتُ السُّكُونِ مَخْنُوقَةُ اللَّحْ ... نِ تَشَاجَتْ بِسِحْرِهَا أَجْفَانِي!

وَنَسيتُ الْجَمَالَ حَتَّى كَأَنِّي ... لَمْ أُضمِّخْ بِنُورِهِ أَلْحَانِي

فَنَسِيتُ الْعَبِيرَ وَالزَّهْرُ يُذْكِي ... هِ بِفَجْرِ الطَّبِيعَةِ النَّعْسَانِ

وَنَسِيتُ النَّدّى وَقَدْ كَانَ خَمْراً ... لِبَنِي الطَّيْرِ لَمْ تُرَقْ في دِنَانِ

وَنَسِيتُ الأَنْسَامَ تَنْقُلُ قي الْمَرْ ... جِ صَلاَةَ الطُّيُورِ لِلْغُدْرَانِ

وَنَسِيتُ النُّجُومَ وَهْيَ عَلَى الأُفْ ... قِ نَشِيدٌ مُبَعْثَرُ الأَوْزَانِ

وَنَسِيتُ الرَّبِيعَ وَهْوَ نَدِيمُ الشِّ - عْرِ وَالطَّيْرِ وَالْهوَى وَالأَمَانِي

وَنَسِيتُ الْخَرِيفَ وَهْوَ صِباً مَا ... تَ فَسَجَّتْهُ شَيْبَةُ الأَغْصَانِ

وَنَسِيتُ الظَّلاَمَ وَهْوَ أَسَى الأَرْ ... ضِ وَتَابُوتُ شَجْوِهَا الْحَيْرَانِ

وَنَسِيتُ الأَكْوَاخَ وَهْيَ قُلُوبٌ ... دَامِيَاتٌ تَلَفَّعَتْ بِالدُّخُانِ

وَنَسِيتُ الْقُصُورَ وَهْيَ قبُورٌ ... ضَاحِكَاتُ الْبِلَى مِنَ الْبُهْتَانِ

وَنَسِيتُ النَّعِيمَ وَالْبُؤْسَ مَاذَا ... تَرَكَا لِي مِنْ شَقْوَةٍ أو أَمَانِ؟

وَنَسِيتُ السَّلاَمَ وَالْحَرْبَ سِيَّا ... نِ شَذَا النَّورِ أو لَظَى الْبُرْكَانِ

<<  <  ج:
ص:  >  >>