[الشعر المصري في مائة عام]
الحالة السياسية والاجتماعية والفكرية
للأستاذ محمد سيد كيلاني
- ٢ -
١٨٥٠ - ١٨٨٢
وقد طغى نفوذ الأجانب في عصر إسماعيل طغيانا كبيرا، واشتدت شوكتهم إلى حد لم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد. وقد ألم هذا المصريين وأحزنهم. لقد أضحى الأجانب متمتمين بكل شيء، والمصريون محرومون من كل شيء. فلا عجب أن شعر المصري بأنه غريب في بلده، ذليل في وطنه. قال السيد علي أبو النصر. . .
أكرمتم الغرباء النازلين بكم ... لكن فلاحكم ضاقت مزارعه
وللسيد صالح مجدي قصيدة مؤثرة صور فيها طغيان نفوذ الأجانب على المصريين. ومما جاء فيها قوله:
ومن عجب في السلم أني بموطني ... أكون أسيرا في وثاق الأجانب
وأن زعيم القوم يحسب أنني ... إذا أمكنتني فرصة لم أحارب
وآني أغضى عن مساو عديدة ... له بعضها بخلع المناكب
واضرب صفحا عن مخاز أقلها ... لدى العد لا تحصى بدفتر كاتب
أأتركها من غير نشر فينطوي ... بأوطاننا فيها لواء المحارب
وهل يجعل الأعمى رئيسا وناظرا ... على كل حربي له لنا في المكاتب
ومن أرضه يأتي بكل ملوث ... جهول بتلقين دروس لطالب
فيمكث في مهد المعارف برهة ... من الدهر مغمورا ببحر المواهب
ويغتم الأموال لا لمنافع ... تعود على أبنائنا والأقارب
ولا ينثني عن مصر في أي حالة ... إلى أهله إلا بملء الحقائب
وهي قصيدة رائعة حقا صور فيها الشاعر أحوال هؤلاء الأوربيين الذين كانوا يفدون إلى مصر في حالة بؤس وجوع ثم يغتنمون في مدة وجيزة مع انهم مجردون من العلم والذمة