للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

قصة مصرية

قبلة. . . .

(الحوار في هذه القصة المصرية موضوع في الأصل باللهجة المصرية وقد عرب لانتشار الرسالة في الأقطار العربية)

للأستاذ دريني خشبة

كانت شغله الشاغل!

كانت تملأ أحلامه، وتحتل كل حنيةٍ من قلبه، وكان له قبلها حبيبات كثيرات من حبيبات الضرورة اللائى يعرضن في حياة الشبان، ثم ما يلبثن أن ينطفئ، كما تلتمع الشهب وتتلألأ، ثم ما تلبث أن تنطفئ، ويكون أحدها صاعقة تنقض على أحد فتسحقه. . . فلما عرفها، نسي هواه القديم الموزع، ووهبها حبه وإخلاصه ودموعه ودمه. . . ولو استطاع لوهبها كل حبه الذي ضيعه على الحسان عبثاً من قبل.

وكان لها هي الأخرى أحباء. . . ثلاثة أو أربعة. . . تنتقل بينهم كالفراشة الظامئة تمتص من كل زهرة رحيقها، ثم تلتمس الزهرة الثانية والثالثة. . . والرابعة التي تكون أطيب شذى، وأنضر منظراً، وأملأ بالعصير الحول. ثم عرفت (جمال) فشعرت كأن حاجزاً ضخماً قوياً يفصلها من الماضي الممتلئ بمتاعب الحب المصطنع، والهوى المزوق، والغرام الكاذب الخداع. وشعرت لأول مرة في حياتها بنسيم عليل يهب في صحرائها المتلظية فيجعلها جنة تصدح فيها البلابل، ويتبسم في أفنانها الورد، وترقص في حنيَّاتها الملائكة. . . وتنشد وتغني!

وكانت تهب من نومها فلا تفكر إلا في (جمال)، وتذهب من هذه الغرفة إلى تلك وشخصه ماثل ملء ناظريها، وحبه يغمر نفسها، وكان يتمثل لها أكثر كلما توجهت إلى الحديقة تقطف الزهر وتأنس إلى الطير، وتجلس عند حافة الغدير، وترسل نظراتها الحائرة المضطربة في الشمس الغاربة خلف النخيل البعيد. . . وطالما كانت تستسلم لوحدتها هذه فترسل عَبرةً صغيرة، صغيرة جداً، تخفيها في منديل حريري صغير، لم تكن حملته قبل أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>