فلم أجب، ولم ألتفت، فكأن النداء كان لغيري، ومضيت في كلامي مع صاحبتي، وكان الهواء طول النهار راكداً، والحر شديداً، ثم بدأ الجو يطيب، والجلسة تحسن، في هذه الصحراء النائية التي لم يكن يخطر لي أن يهجم علي أحد فيها من أهلي.
(عمي. . .)
فأبيت أن أشعر أن النداء لي؛ فقالت صاحبتي:(ألا تسمع؟)
ولم يكن ثم شك في أني أنا العم المقصود، فقلت:(سامع، وفاهم. . .)
(عمي. أنت هنا؟ من الصبح أناديك)
فوقفت - فما بقي من هذا بد - والتفت إلى الصغيرة التي بح صوتها وقلت:(هل سمعتك تنادين عمك؟)
قالت:(طبعاً. . لي نصف ساعة وأنا أفعل ذلك)
قلت:(هل تريدين مني أن أبحث لك عنه؟. . أناديه معك؟ إن صوتي مع الأسف خافت. خفيف جدا. . . لا يذهب إلى أكثر من متر. يصلح للهمس فقط. في الأذن) فضحكت الصغيرة وقالت: (ماذا تقول يا عمي؟ لماذا تتكلم هكذا؟)