للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

للأستاذ عباس خضر

سر الحاكم بأمر الله:

مسرحية تاريخية، ألفها الأستاذ علي أحمد باكثير، وأخرجها الأستاذ زكي طليمات، ومثلتها الفرقة المصرية على مسرح الأوبرا في مفتتح موسمها التمثيلي. وتدور القصة حول الحاكم بأمر الله الخليفة الفاطمي، وتصور شذوذه وغرائب أفعاله، والحادثة الهامة فيها أو (العقدة) هي ادعاء الحاكم بأمر الله الألوهية، وقد تخيل المؤلف - لكشف سر هذا الادعاء - أن (المجمع الفارسي) بعث جماعة على رأسهم رجل اسمه حمزة الزوزني، للعمل على هدم الدين الإسلامي في مصر، فراقب حمزة الحاكم حتى ألم بأحواله وعرف أنه يروض نفسه على الحرمان من طيبات العيش والتخلص من الرحمة وسائر العواطف الإنسانية التي يسميها ضعفا بشريا، فيتصل به ويوهمه أنه إله ويستعين على ذلك بتلفيق كتاب يدعي حمزة أنه مخطوط قديم ورثه عن آبائه، وينبئ الكتاب بظهور ملك في مصر يحل فيه روح الله، وتنطبق أوصافه على الحاكم بأمر الله، فيضطرب الحاكم أولا ثم يقتنع بأنه إله، ويتخذ حمزة رسولا له. وتسير الحوادث على هذا الخط حتى يفتضح أمر الفارسي بوقوع رسالة آتية إليه من المجمع الفارسي في يد الحاكم بأمر الله، فتتكشف له الحقيقة ويكفر بنفسه. .

ويبدو للمتأمل أن المؤلف لا يريد بيان سر الحاكم بأمر الله، وإنما يرمي إلى تحليل شخصيته، فتخيل خداع الفارسي للحاكم لا يتجه إلى حقيقة تاريخية، من حيث إبداء رأي تاريخي في الباعث للحاكم على ما كان منه، وإنما هو حبكة مسرحية غايتها خلق المواقف وترتيب الحوادث للوصول إلى تصوير هذه الشخصية الغريبة وبيان ما أحاط بها، واستغلال كل ذلك في تقديم فن ممتع.

هذه هي غاية القصة كما أفهم، وقد وصل فيها المؤلف إلى درجة لا بأس بها، فقد صور الصراع بين الحاكم بأمر الله وأخته ست الملك، وصور الصراع بين الحاكم وبين نفسه، ووجه طاقته إلى إبراز الأحاسيس وخوالج النفوس، فنجح في كل ذلك، وإن كنت ألاحظ أنه جانب الألوهية وقوى حجة ما سماه التخلص من الضعف الإنساني، فأظهر - مثلا - الحاكم بأمر الله في ذبحه الغلام بمظهر الفيلسوف المنطقي، وكان لا بد من عمل شيء

<<  <  ج:
ص:  >  >>