ويسوءني أن أكون نذير سوء؛ ولكن لأن نواجه الحقائق الواقعة، خير من أن نستنيم للأحلام.
حينما صدر الكتاب الأبيض الإنجليزي أعلن كل عربي مخلص أنه لا يرضى عن هذا الكتاب، وأنه صدمة لآمال العرب بما نظمته من استمرار الهجرة الصهيونية فترة أخرى، وإن تكن موقوتة، تصبح بعدها الهجرة مرهونة بمشيئة العرب، إن شاءوا أمضوها، وان شاءوا لم يسمحوا من بعد بها.
واليوم يتمسك العرب بسياسة الكتاب الأبيض، ويدعون إنجلترا للمحافظة عليها، وهم يرون في تصريح (بيفن) الأخير نقصاً لها، واستمراراً في الهجرة إلى غير موعد!
إذن قضية العرب في فلسطين تتأخر ولا تتقدم!
تتأخر، فيصبح الكتاب الأبيض الذي كان بالأمس موضع شكوى العرب، وهو موضع رجائهم. وينقلب الحد الأدنى - أو ما هو دونه - حداً أعلى لآمال العرب أو الناطقين باسمهم في هذه الأيام.
ألا إنها المحنة التي يجب أن تتفتح عليها الأبصار!
فلننظر فيم كان هذا الانقلاب؟
صدر الكتاب الأبيض بالأمس ترضية للعرب الثائرين الساخطين، فرفضوه واستصغروه. فلما سرى البرد إلى دمائهم الباردة ودب الخدر إلى أعصابهم الثائرة، رضوا عن الكتاب الأبيض، ووقفوا ينتظرون. . .
والغي الكتاب الأبيض اليوم ترضية للصهيونيين الثائرين المعتدين، يرفضون إلغاءه ويستصغرون اقتراحات (بيفن) الأخيرة، لأن العرب لا يزالون في خدر لذيذ يستنيمون