وقفت على نسخة مخطوطة من ديوان القاضي الفاضل في دار
الكتب المصرية فأحببت أن أعرض طرفا منه خدمة للأدب
(م. س)
سيرة القاضي الفاضل
ولد بمدينة عسقلان عام ٥٢٩ للهجرة؛ فهو ليس مصري الأصل وإن كان مصري الدار. تولى أبوه القضاء في نيسان وهو طفل، وثقفه تثقيفاً دينياً بحتاً حتى كبر، فقدم إلى القاهرة في عهد الحافظ لدين الله، وخدم فيها الموفق بن يوسف ابن جلال مدير ديوان الإنشاء إذ ذاك فتعلم فنون صناعته، وحذا حذوه في كتابته، ثم انتقل إلى الإسكندرية يخدم بعض حكامها حتى عرف بينهم بالذكاء، وبنبوغه في صناعة الإنشاء، فلما سمع به العاضد استدعاه إلى القاهرة وعينه كاتباً، وفي عام ٥٦٦ للهجرة توفي الموفق بن يوسف بن جلال فجعل العاضد القاضي الفاضل مكانه - وظل يكرمه كل وال ويرقيه، حتى ولي الملك صلاح الدين فجعله كاتبه وقاضيه، ووزيره ومشيره؛ وظلت هذه حاله إلى أن توفي في ١٧ ربيع الآخر عام ٥٩٦ للهجرة أي في الليلة التي هزم فيها الأفضل ودخل العادل القاهرة
نسبه وصفاته
وهو الوزير مجير الدين أبو علي عبد الرحيم بن القاضي الإشراف بهاء المجد علي بن القاضي السعيد أبي محمد ويعرف بالبيساني. وقد ذكر عنه المؤرخون أنه كان ديناً كثير الصدقة والعبادة، وله وقوف كثيرة على الصدقة وفك الأسارى؛ وكان يكثر الحج والمجاورة مع اشتغاله بخدمة السلطان. وكان ضعيف البنية، رقيق الصورة، له حدبة يغطيها الطيلسان. وقالوا عنه أيضاً إنه كان فيه سوء خلق يكمد به نفسه ولا يضر أحداً؛ وكان يجل أصحاب الأدب ويكرمهم ويعاونهم، ويؤثر أرباب البيوت والغرباء ولا ينتقم من أعدائه،