للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عبقريات أزهرية مدفونة]

للأستاذ دريني خشبة

مئات من الرسائل التي أنشأها النبغاء من أبناء الأزهر في كلياته الثلاث ليحصلوا بها على إجازاته النهائية - على طريقة الجامعات الحديثة - ملقاة في ركن سحيق من أركان الإهمال، وقلة العرفان في مكتبات الكليات، لا ينتفع بها أحد، ولا يلتفت إليها أحد، ولا يفكر أحد في أن ينفع بها الثقافة الإسلامية في الأمم العربية عامة، والنهضة الفكرية الحديثة في مصر الإسلامية بوجه خاص. والعجيب، بل أعجب العجب، ألا يلتفت ولاة الأمور في الأزهر إلى أهمية هذه الرسائل الثمينة في تدعيم شخصية جامعتهم الكبرى، وإثبات وجودها، والمساهمة بها في حياة المسلمين الفكرية، ومحاربة الأفكار الجاهلة التي أخذت تغزو إفهام الناس عن أقدم جامعات الشرق، بل أقدم جامعات العالم وأعظمها

مئات من هذه الرسائل التي أنشأها النبغاء من أبناء الأزهر بإرشاد أساتذته، وأساتذة الجامعة المصرية، وأساتذة النهضة الفكرية في مصر، مهملة مغفلة لا ينتفع بها أحد، لأن النظام الذي يرين على الأزهر الشريف يقضى على تلك الجهود الغالية بالدفن، كما يقضي على الآمال المنوطة بتلك الجهود بالضياع

لست أدري ما نصيب الأزهر في مئات الكتب التي غمرت السوق الفكرية في السنوات الخمس الأخيرة في مصر؟ لا شئ؟ فهل معنى هذا أن أبناء الأزهر أقل نشاطاً من سائر أبنائهم المتعلمين؟ كلا. . . فالحق الذي لا مرية فيه هو أنهم في المقدمة من حيث الإنتاج الذهني الرفيع كما وكيفا، لكنهم فقراء ومتوسط الحال منهم لا يستطيع أن يجازف بما يدخره من قروش في سبيل السناء العلمي ولآلاء الشهرة، بطبع بعض ما أنتجت قريحته من ثمار ما ألف وما يستطيع أن يؤلف. . . ولو أن هذه الميزانية الضخمة التي تربط للأزهر كل عام اتسعت قليلاً لطبع شئ من هذه الرسائل النادرة التي أودعها شباب الأزهر جهوده بل أرواحه وآماله لعاد هذا العمل على الأزهر نفسه بالسمعة الطيبة، وعلى الأمة بالنفع الجزيل، وعلى نهضتنا الثقافية بالخير العميم، ثم هو بعد ذلك كله عمل يلفت العالم الإسلامي إلى طابع الأزهر الجديد، وإلى الروح الذي يحدوه إلى السمى وإلى الكمال

وبعد، فما هذه الرسائل التي نشيد بها تلك الإشادة، والتي ندعو جميع الأدباء إلى التفضل

<<  <  ج:
ص:  >  >>