وجاء دور اللجان التي تقدر الجمال بالخبرة والنظرة الصادقة، وتقدر الضريبة عليه بالعدل والقسطاس المستقيم
فمن هم الخبيرون بالجمال؟ وممن تتألف اللجنة أو اللجان التي تفرض (مقداره) ثم تفرض مقدار الضريبة الواجبة عليه؟
زعموا أنهم ندبوا لذلك لجنة من فلاسفة (الاسطاطيقا) أو فلسفة الجمال كما عربها الأستاذ الأكبر أحمد لطفي السيد باشا
واعتقدوا أن هؤلاء الفلاسفة هم أحق الناس بعرفان المعاني الجميلة والصور الجميلة، كما أنهم أحق الناس باستخلاص كنه الجمال في جوهر الجواهر ولب اللباب
قالوا: فمضت برهة قبل أن يتفق هؤلاء الفلاسفة الأخيار على التعريف المختار
هل الجمال هو الحرية؟ وهل الجمال هو التنسيق والنظام؟ وهل الجمال هو غلبة الفكرة على المادة؟ وهل الجمال في تمثيل الغريزة الجنسية؟ وهل الجمال في تمثيل النزعة الكمالية؟ وهل الجمال عميق عمق البشرة، أو هو عميق عمق الروح وعمق أسرار الغيوب؟
وجيء إلى الحكومة بمحاضر الجلسات فإذا هي ألغاز ومعميات، وشعاب ومنعرجات، ومتاهة تلتقي فيها الخواتيم والبدايات، وتنقضي الأعوام قبل أن تسعف الخزانة ببضعة دريهمات
وزعموا أن الحكومة تركت هذه اللجنة توغل في متاهاتها وندبت للأمر لجنة أخرى من رجال المسارح والمراقص ومدربي اللاعبين واللاعبات والراقصين والراقصات
ثم جربتها في مدينة واحدة، وانتظرتها برهة أخرى فإذا هي تعود إليها بأسماء لا تتجاوز العشرات، وأرقام لا تتعدى المئات، لأنها قضت برهتها في قياس الوجوه والأجياد، وقياس الأنوف والآذان، وقياس الصدور والظهور، وقياس الجذوع والأطراف، فما استحسنته من هنا عابته من هناك، وما زادته من الساعد نقصته من الساق، وما أضافته عادت فحذفته،