ودّعت شيرين فرهاد بعد أن استرد شعوره، وتركته ونزلت بجوادها الجبل قاصدة قصر شيرين، وإذا بالجواد يكبو وتكاد شيرين أن تسقط من فوقه. فأسرع فرهاد إليها، وقد أراد أن يقوم أمامها بعمل من أعمال الرجولة والبطولة، وحملها هي وجوادها على كتفيه، ونزل بها ذلك المنحدر الشاق، فأعجبت شيرين بقوته الهائلة
وفي (شكل ١) تقدم فرهاد لنجدة شيرين، عندما تعثَّر جوادها الأصيل وكادت تزلّ قدمه، فحملها هي وجوادها على كتفيه ونزل بهما ذلك المنحدر الشاق، وقد ظهرت على وجهه دلائل السعادة لهذا العمل الذي جلب إلى قلبه الغبطة والسرور. ونرى خلفه اللوحة التي نحتها لتمثيل خسرو وهو واقف بين شيرين وموبذَ الموبَذان. وهذه الصورة كانت مع عدة صور أخرى ضمن مخطوط للمنظومات الخمس للشاعر نظامي مؤرخ سنة ٨٦٨ هـ (١٤٦٣م). ويمكن تأريخ هذه الصور حوالي سنة ٨٥٤ هـ (١٤٥٠م). هذه الصورة محفوظة في مجموعة شستر بيتي بلندن
بلغت مسامع خسرو أخبار تطور العلاقات بين شيرين وفرهاد، من عطفها وإشفاقها عليه، إلى إعجابها به، فخاف أن تبلغ هذه العلاقات بينهما مدى أبعد من ذلك. أضف إلى ذلك أنه علم أن فرهاد قد قرب من إتمام مشروعه الهائل، وإنه على وشك والوصول إلى نهاية الطريق الذي يشقه في صخور جبل بيستون. فجمع خسرو وزراءه وسألهم عن حيلة تعفيه من وعده لفرهاد، فأشاروا بما أملته عليهم قلوبهم الجامدة القاسية، التي لا يعرف الحب إليها طريقاً، والتي ماتت فيها العواطف وتحجرت دماء الشباب. إذ أرسل خسرو إلى فرهاد الشاب المفعم بالحماسة للحياة، امرأة عجوزا قد فرغت من تجارب الزمان، أخبرته في رفق قاتل، وتؤدة خانقة، أن شيرين قد اختارها الله تعالى إلى جواره. . . يا لله!. . . ماتت شيرين!. . . فيالها من حياة تعسة يائسة!. . . ولكن. . . لا!. . . فإن قلوب المحبين خالدة