[أحلام سوداء. . .]
للدكتور إبراهيم ناجي
رب ليل قد صفا الأفقُ به ... وبما قد أبدَعَ الُلهُ ازدَهرْ
قد سرَى فيه نسيمٌ عبقٌ ... فكأنَّ الليلَ بستانٌ عَطِرْ!
قلتُ، يا ربِّ، لَمِنْ جَمَّلتَهُ ... ولَمِنْ هذِي الثُّرياتُ الغُررَ
فَخَليٌّ نائمٌ عنه القَدرْ ... نام لم يَسعَدْ بِهاتيكَ الصُّوَر
وشجِيُّ القلبِ يشدو للذِّكَرْ ... دامِيَ الألحانِ مجروحَ الوَتر
كل شيء مأتمٌ في عينهِ ... لا الكرى طابَ، ولا طاب السَهر
غامَ وجهُ الأفقِ وأربدَّت به ... سُحبٌ حامتْ على وجهِ القمر
كلما تقربُ تمتدُّ له. . . ... كأكُفٍِّ شَرِهاتٍ تَنتظِر
قائماتٍ، كذئابٍ حُوّمٍ ... جائعاتٍ مثلَ غربانِ الشَّجر
صِحْتُ بالبَدْرِ، تَنّبه للنُّذُرْ ... أدْرِكِ الهالَةَ حُفَّتْ بالخطَر
لا تُبحْ مائِدَةَ النُّورِ لهمْ ... لا تبحها لسوادٍ مُعْتَكِر
قهقَهَ الرّعدُ ودَّوى ساخراً ... فكأنَّ الرعدَ عربيدٌ سَكِر
قمتُ مذعوراً، وهمَّتْ قَبضتي ... ثم مُدَّت ثم رُدَّت، مِنْ خَوَر
لَهَف القلبِ على الدنيا، إذا ... عجزَ القادرُ، والباعُ قَصُر
لَهَف القلبِ، على الحسن، إذا ... قهقهَ الغربانُ والذئبُ سَخِر
تحتمي الوردةُ بالشوكِ فإنْ ... كثُرَ القُطَّافُ لم تُغْنِ الإبَر
آهِ مِن غصنٍ غنيٍ بَالجنَى ... ومِن الطامعِ في ذاك الثمر
آهِ من شكّ، ومن حبٍ، ومن ... هاجساتٍ وظنونٍ وحَذَر!
كسَتِ الأفقَ سواداً لم يكن ... غير غَيْمٍ جائمٍ فوقَ للفِكَر
طالما قلتُ لقلبي، كلما ... أنَّ في جنبي أنينَ المحتضَر
إن تكن خانت، وعقَّتْ حُبَّنا ... فأضِفْها للجراحات الأخَر. . .
كان طيفاً من ظنونٍ لم تَدُمْ ... وسحاباً من جنون وعَبَرْ!!
ناجي