تصفحت بعض أعداد الرسالة الغراء التي صدرت وأنا بفرنسا صيف هذا العام، فرأيت في أحدها كلمة عن إهابه الأستاذ الكاتب علي الطنطاوي بعلماء الأزهر لمساعدته في تأليف كتاب عن الدين الإسلامي، يفيد منه العامة والخاصة والعرب والعجم والمسلم وغير المسلم، وأن هذا الاستنجاد لم يجد له سميعاً فضاع صرخة في وادي كما يقولون
ليطمئن الأستاذ نفسه فليس إلى بلوغ ما يريد من سبيل إلا إذا اعتمد على نفسه وأمثاله من الكتاب الذين يلذ لهم أن يقفوا بعض جهودهم على الدين ونشره، ويجدون التعب في ذلك عذباً جميلاً. أقول ذلك وأنا واثق مما أقول؛ فقد دعوت في أوائل هذا العام المنصرم إلى مثل ما يدعو إليه الآن فما وجدت غير التثبيط وأمثال هذه الكلمات: خَلّ عنك، الله قد وعد بأنه سيظهر الإسلام على الدين كله، وهو ليس في حاجة إلى مثل جهودك وجهودنا! وإلى القراء الأمر على جليته:
نزلت في صيف العام الماضي بفرنسا بعائلة محترمة بمدينة (ليون)، وتأصلت بيني وبينها الروابط لتقارب في العاطفة وتشابه في الميول. ولأنها عائلة محافظة، أعجبها مني قيامي ببعض ما يجب عليّ لله من الصلاة وتلاوة القرآن؛ فكانت أحاديثنا في أوقات الفراغ تدور كثيراً على الإسلام وما فيه من آداب عامة، وشرائع في مختلف مناحي الحياة تصلح للناس جميعاً. وبلغ بهم الأمر أن كانوا يطلبون مني تفسير بعض الآيات التي تشتمل على تلك الآداب والتشريعات، والآيات التي تضمنت أخبار عيسى عليه السلام وأمه العذراء.
وبديهي أن ذلك كان يسرني، وكنت أعمل على تحقيقه جهدي. ثم بدا لي فأعطيتهم القرآن مترجماً للفرنسية ترجمة مناسبة تقريباً.
ولما حان موعد سفري إلى مصر رجوني أن أرسل إليهم كتاباً بالفرنسية جامعاً لأصول الدين التي قام عليها، ومبادئه التي يدعو إليها. . . هنا وقف حمار الشيخ! إذ اعتذرت وأنا خجل بأن مثل هذا الكتاب لم يوضع بعد في اللغة العربية، بل إن أحداً لم يفكر في مثل هذا العمل.
وأخيراً رجعت للوطن بعد أن وعدتهم ببذل الجهد في تحقيق ما يرجون - من وضع كتاب