للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

شارلس لام يروي عن شاكسبير

٢ - قصة الشتاء

بقلم الأستاذ دريني خشبة

وهرول بها إلى كوخه ولقي زوجته هاشاً، ثم دفع بالطفلة الميمونة إلى صدرها اللطيف قائلاً: (أرضعيها يا موبسا. . . أرضعي ابنة الملوك الصيد) ونظرت الراعية إلى بارديتا تارة، وإلى طفلها أخرى، وكأنما جزعت أن تشركه هذه الغريبة النازحة في لبنه، فقال الراعي وهو يوشك أن يجن: (أرضعيها يا موبسا فقد حملت إلينا كنزاً وجعلتنا سادة الرعاة!). فانبلجت إشراقة سعيدة في أسارير المرأة، وأبرزت ثديها الكبير الممتلئ باللبن فدست حلمته في فم الطفلة. . .

وخشي الراعي أن يبدو عليه الثراء المفاجئ إذا هو تصرف في شيء من جواهر الطفلة بالبيع أو بغيره، فرحل عن الإقليم كله، ونزح إلى طرف سحيق ناء في أقصى حدود بوهيميا. وهناك تلبث غير قليل ثم باع جزءاً من الكنز الملكي الكريم، وابتاع بما حصل في يديه من ألوف قطعاناً كثيرة. وما هي إلا سنون حتى درت له إخلاف الثروة، ونضر الله الأرض تحت رجليه بالرزق، فعاش عيشه راضية مخفرجة، وعلم بارديتا ونشأها بين الضأن البهم، فشبت في هواء الطبيعة الحر الطليق وفي ميدانها السندسي الواسع، لا صديق لها إلا كلبها الأمين الوفي، ولا حديث إلا الأحلام الخافتة تتردد في فم القمر الصامت، ولا أطماع إلا أن تكبر البهم وتدر ألبانها

وشبت جميلة ناصعة كتمثال المرمر قد صقلته يد فنانة صناع. . . رزينة كأنما أوحي إلى قلبها الصغير الخلي أنه مسرح لمأساة صامتة ومعبد لآلهة وسنانة تجثم فيه لحينها!

وكان لملك بوهيميا أبن مولع بالصيد، يرتاد من أجله المسايل والوديان ومشارف الجبال. فبينا هو يصيد يوماً في ذلك الصقع إذا عيناه تقعان فجأة على بارديتا، وإذا هو يقف مسبوهاً زائغ البصر يعبد الفتاة البارعة الفينانة، ويردد عينيه في عالم جسمها الزاخر بأمواه الجمال. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>