قدمنا إلى القراء في مستهل العام الماضي العلامة الدكتور محمد محمود غالي. ويجب علينا في مستهل هذا العام أن نشكر له باسم القراء في جميع الأنحاء جهده الموفق في وصف الصورة التي يعرفها العلماء اليوم عن الكون، وما وصلت إليه الآراء الفلسفية فيه، وما بلغه العلم التجريبي من تقدم. وقد تابع العلماء والأدباء والطلبة مقالاته الثلاثين في تبسيط هذه الموضوعات العويصة بأسلوب سهل وعرض جميل وقريحة متمكنة. وسيتابعون هذا العام برنامجه الذي عرضه في هذه المقالة مدفوعين بما غرسه فيهم من رغبة الاطلاع ولذة المعرفة.
يسمونه عاماً جديداً، وليس للتسمية من معنى علمي سوى أن الأرض أتمت دورة كاملة في دورانها حول الشمس، شد كوكبنا النشيط فيه رحاله كعادته من نقطة معينة في الفضاء وظل دائراً كعهدنا به إلى أن عاد إلى النقطة التي بدأ منها المسير، واستأنف الكوكب مسيره من جديد فدخلنا فيما نصطلح على تسميته عاماً جديداً، وهو اصطلاح له معناه عند الإنسان. ذلك أنه فد مر من العمر الذي يتطلع إليه كل كائن - جزء له شأنه، فما الحياة إلا بضعة عقود مثل هذا الجزء الذي قد لا يعاود الكثيرين ممن جاوزوا العقد الرابع أمثال له كثيرة. أجل فهو جزء له خطره ومرحلة لها قيمتها من مراحل الأجل المحدود. وقد يتساءل كل امرئ عما قدم من عمل في عامه المنصرم وما اعتزم أن يقوم به في عامه الجديد
ولقد كانت غايتنا في العام الماضي أن نقوم بدورنا في تبسيط العلوم وفي تقريب الميراث العلمي للذين يريدون أن يتذوقوه. وكان ذلك لنا بمثابة مرحله من مراحل الراحة بعمد ما استلزمته السنوات التي قضيناها في أعمال البحث من تعب متواصل في الفكر وفترات طويلة في العمل. وكان واجباً علينا أن نقوم بهذا النوع من التبسيط نحو القراء من المصريين وأهل الشرق بل نحو اللغة العربية، ففي عالم الغرب مئات من المؤلفات في هذه الموضوعات وأمثالها، وقد قام بتأليفها لفيف من كبار العلماء والكتاب في وقت خلت مكتباتنا من أمثالها من المؤلفات، وفي هذه البلاد الغربية لم يتأخر علماء معروفون عن