يقول الأستاذ مصطفى باشا عبد الرازق إن البهاء لم يكن طفلاً حين هاجرت أسرته من الحجاز إلى وادي النيل، لأنه وجد في شعره قصيدتين يذكر فيهما عهده بالحجاز، الأولى قصيدة:
أحن إلى عهد المحصَّب من مِنّى ... وعيشٍ به كانت ترفّ ظِلالهُ
ثم يقول بعد إيراد هاتين القصيدتين:(وليست ذكريات طفل هذه الذكريات التي يحن البهاء زهير إلى عهدها بين المقام وزمزم، فلابد أن يكون شاعرنا جاء إلى قوص فتى مستكملاً)
وأقول إن القصيدتين تشهدان بأن البهاء كانت له ذكريات غرامية بالحجاز، فإن صدقناه فيما ادعى لنفسه من الصبوات بالبلاد الحجازية، فمن حقنا أن نسأل كيف خبت حرارة الذكريات لتلك الصبوات فلم توح إليه غير قصيدتين اثنتين؟
والأستاذ مصطفى باشا يحدثنا أن المؤرخين قالوا:
(وانتقل البهاء زهير من قوص بعد أن ربى فيها وقرأ الأدب وسمع الحديث وبرع في النظم والنثر والترسل)
ومعنى هذا أن البهاء بدأ حياته في قوص وهو في عهد التربيب، وأنه لم يجئ إلى قوص وهو فتى مستكمل الفتوة، كما حكم سعادة الأستاذ قبل لحظات وهو يدون بحثه الطريف
يجب أن نتذكر أن الكلام عن الحجاز وذكرياته الغرامية بدعة أدبية شرعها الشريف الرضي، وأتبعه فيها من تلاه من الشعراء، فكان من هوى كل شاعر قضى وقتاً بالحجاز أن يقول إن له حجازيات، كما كان للشريف حجازيات.