للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فردريك نيتشه]

للأستاذ فليكس فارس

- ٢ -

(إن من الحب ما ينشأ عن الحياة الجسدية حاجة ملحة متقلبة كالحياة نفسها، وفي النسا كما في الرجال أناس حبهم أشبه بالجوع والظمأ يتهافتون على أية مائدة ويرتوون من أي ينبوع. وماذا عساه يفهم من الحب من يرى المحبوب مائدة وينبوعاً؟ قلّ من الناس من يدرك أن من أنكر على المحبوب شخصيته التي لا تستبدل فقد أنكر هو ذاته شخصيته التي يحس بها)

(لا صلاح لأمة فسدت منابت أطفالها، وهذه عبر التاريخ مائلة لعيان من يريد أن يرى أفما كانت كل الأمم التي اندثرت واستبعدت تمر أولا في مرحلة تدني الأخلاق وانطلاق الشهوات عابثة بأشرف ما خلق الله في الإنسان؟)

(سوف يأتي يوم، وهو غير بعيد، تتنبه المدينة فيه إلى أن الرجل المتفوق الذي ينشده العلماء في الغرب لن يخلق لهم من التمرين لقوى العقل وقوى الجسد ولا من فحص خلايا المتزوجين بالمجهر حتى ولا من تلقيحهم بالمواد الكيماوية أو تطعيمهم بغدد القرود

إن الرجل الكامل أو الأقرب إلى الكمال إنما هو ابن الحب الكامل، فالمحبة وحدها هي السبيل المؤدي إلى إدراك الحق والقوة والجمال لندع العالم المتمدن يفتش في علومه ونهضة مفكريه عن هذا الحب الذي تخيله ماركس متجلياً في الحرية التامة للناس في أهوائهم فجاءت البلشفة تثبت انخداع هذا الفيلسوف في نظرياته، ليفتشوا أنهم لن يتصلوا في تجاربهم إلا إلى العبر الزاجرة المؤلمة.

أما نحن أبناء هذا الشرق الذي انبثق الحق فيه انصباباً من الداخل بالإلهام لا تلمّساً من الخارج، فلنا المسلك المفتوح منفرجاً أمامنا للاعتلاء والخروج إلى النور بعد هذا الليل الطويل إذا نحن أخذنا بروح ما أوحاه الحق إلينا.

لا بترقية الزراعة والصناعة، ولا بنشر التعليم والتهذيب، ولا بجعل البلاد جنة ثراءً وتنظيماً تنشأ الأمة ويخلق الشعب الحر السعيد.

إن الجنين الذي يحمل أسباب شقائه وهو في بطن أمه لا يمكنه أن يصير رجلاً حراً قوياً

<<  <  ج:
ص:  >  >>