أقدم ما وصلنا سليما من مآسي إسخيلوس هي درامته البارعة (نسوة متضرعات) وهي درامة شائقة لا يعرف في أي سنة نظمها الشاعر بالضبط، وتليها في القدم درامة (الفُرس) فقد نظمها سنة ٤٧٢ ق. م وفي سنة ٤٥٨ تقدم إلى المباراة التمثيلية بدرامة مفقودة ففاز عليه الشاعر الشاب سوفوكليس للمرة الأولى وكان لهذا الحادث أثره الذي لم يمح من نفس إسخيلوس والذي قيل إنه هاجر بسببه إلى جيلا بعد ذلك بعشر سنين
وفي السنة التالية (٤٦٧) فاز على جميع منافسيه بدرامته (سبعة ضد طيبة)، ولا يعرف المؤرخون على وجه التحقيق متى نظم رائعته العصماء (برومثيوث) ويظن الأستاذ جلبرت موراي أنها نظمت هي وأختها المفقودة (ليكورجيا) بعد (سبعة ضد طيبة)
وقبل أن يموت في جيلا بعامين نظم أقوى دراماته وأعنفها (الأورستيّة)(٤٥٨ق. م) وهي الثلاثية الوحيدة الكاملة التي وصلتنا سليمة من هذا التراث الأدبي الحافل المفقود
١ - نسوة متضرعات
نسوة متضرعات هي الحلقة الأولى من ثلاثية كاملة ما تزال حلقتاها الثانية والثالثة مفقودتين وإن يكن موضوعهما معروفاً. . والثلاثية كلها تتلخص في أن إيجبتوس أحد أمراء مصر الشمالية كان له خمسون ولداً؛ وكان له أخ يدعى دانوس رزقه الله بخمسين ابنة ذوات جمال بارع، فحدث أن هام كل من أبناء إيجبتوس بواحدة من بنات دانوس. . . وتقدم إيجبتوس إلى أخيه يخطب بناته على أبنائه. . . وهنا تقوم عقبتان أولاهما تلك النبوءة التي تنبأ بها بعضهم لدانوس وهي أن أحد أزواج بناته سيقتله، وثانيتهما أن شريعة القوم في هذا العصر كانت تحرم زواج الرجل من أبنة عمه وتعتبره زناً. . . فماذا يصنع دانوس؟ فكر الرجل ثم فكر، ثم رأى أم يقر ببناته إلى بلاسجوس ملك آرجوس إحدى ممالك اليونان. . . ورست الفلك على الشاطئ ونزل الركب، ولمحت إحدى البنات رجلاً عظيما بادي الوقار يتنزه هناك، فلما سألت عنه قيل لها إنه الملك. فأستاذنت أباها وذهبت