وبما أن الأستاذ محمود محمد شاكر خص اليهود بالذكر وأن إخواننا العرب ربما تفضلوا بالبقاء دروس في القومية والوطنية على مسلمي الهند أود أن أضيف كلمة عن علاقات المسلمين بالوثنين والمجوس حتى أثبت أن الكفر ملة واحدة وأن نظرية الوطنية الحديثة لا تكسر من عدائها وشرها، كما أن التسامح والمعاملة الحسنة لم تؤمن أية حكومة إسلامية في أي عصر من عصور التاريخ من جميع أنواع الدسائس والأعمال الهدامة والجاسوسية لصالح الدول المجاورة المعادية. ولولا خوف مجانية القصد لكان في وسعي أن أقيم الأدلة على أن الإجراءات التي ربما اتخذت ثم أهملت ثم جددت ضد غير المسلمين في مختلف أدوار الحكم الإسلامي - العربي منه والعجمي - لم تكن إلا رد فعل لما تجلى في أعمالهم من عدم الولاء وروح الطابور الخامس. ولم يتعد قدر تلك الإجراءات إلا في بعض الأحوال قدر الأحكام العرفية والخطوات الاحتياطية التي لا تحجم أية حكومة في أيامنا هذه عن اتخاذها ضد رعاية الحكومة المعادية والممالئين لها. وخلاصة القول أن المسلمين أمة مستقلة لا بد أن يعيشوا بهذه الصفة في سياستهم واقتصادهم وجميع شؤونهم حتى يتأنى لهم التعهد بسلامة الأرواح والأموال وحرية العقيدة وحسن الجوار الذين جعلهم الله في ذمتهم، وهذا الوضع أي كون المسلمين فريقاً ذا قوة وشوكة راعياً لحقوق الكفار والمشركين لمجرد الوفاء بالعهد والتمسك بالخلق الكريم لا لضغط اقتصادي أو مالي أو سياسي خارجي أو داخلي مع كونه قادراً على نبذ العهد إلى الخائنين في أية لحظة - هذا هو الوضع الوحيد الذي يضمن عدم اجتراء الذميين على أية حركة مضادة للدولة الإسلامية وحسن تقديرهم للمعاملة الشريفة التي يلاقونها على أيدي المسلمين، فأني وإن كنت أؤيد الشاعر في قوله (ومن لا يظلم الناس يظلم) اعتقد أن كل من بقادر على الظلم لا بد أن سيظلم؛ إذ الإنسان لا يزال بعيداً عن العهد الذي يعترف فيه للحق الأعزل والعدالة التي لا تسندها القوة. أما