قال الفتى عمير بن أبي وقاص لصاحبيه أسامة ورافع وكانوا يعلبون في ظاهر المدينة، وقد أشرفوا على بيوتها ومساربها:
- هل تريان ما أرى يا صاحبي؟!
- وماذا ترى!
- انظرا. فهاتان رايتان تعلوان وتخفقان وما أحسبها إلا لحرب.
- أجل. واسمع هذا التصايح وهذه الجلبة، وانظر الغبار يجلل الدور ويذهب في السماء. . .
- لئن كانت الحرب فوالله لنذهبن مع القوم، نقاتل في سبيل الله، ونجاهد تحت لواء رسول الله. . .
- لكننا نخشى أن يردنا رسول الله لصغر سننا يا عمر.
- وماذا علينا أن نسير في إثر الجيش، ونتواري عن الأعين، ونختفي وراء الآكام، حتى تبدأ المعركة، وعندها نبرز إلى الميدان ونقاتل المشركين، ونساهم في إعلاء كلمة الله، ونستشهد في سبيل هذا الدين. . .
- إنه الرأي ورب الكعبة!
وانحدروا إلى المدينة مسرعين، وقد ذهب كل إلى داره، يكتم الخبر عن أهله، وبتجهيز للحرب، ويستعد للقتال، وكانوا قد تواعدوا على أن يلتقوا جميعاً أمام المسجد، بعد صلاة الفجر. وأعد كل منهم عدته، وناموا ليلتهم تلك هانئين وادعيم، يحلمون بالجهاد والنصر المبين. . .
- ٢ -
هب (عمير) من نومه، طرب الفؤاد، رضي النفس، هانئ البال، ومشى نحو النافذة، يسرح