من أمد غير طويل ارتفعت صيحات متفرقة تنادي بوجوب بسط القوانين الشرعية على البلاد. . . ولقد وجدت هذه الدعوة مرتعاً خصباً في نفوس عامة الناس. ولما كان من الثابت قطعاً أن السواد الأعظم من الجمهور لا يعرف عن القوانين الشرعية إلا فكرة ضئيلة مشوهة رأيت من ألزم واجبات الرجل القانوني أن يتيح لتلك النفوس فرصة تذوق ما في القوانين الشرعية من صلاح وعدالة وقوة مع مقارنة هذه القوانين بالقانون المصري الحديث
ولقد اخترت القوانين الجنائية لأنها هي التي يظهر فيها الفرق جليّاً بين الشريعة الإسلامية والقوانين الحديثة، ولأنها من جهة أخرى ألصق القوانين بالحياة البشرية. وسأبدأ أبحاثي بجريمة القتل بنوعيها سواء الجريمة العمدية أو غير العمدية
فنبدأ الآن بجريمة القتل الخطأ في الشريعة الإسلامية ثم في القانون الحديث حتى يتسنى لنا أن نحصر أوجه الشبه وأوجه الخلاف بين التشريعين
في الشريعة الإسلامية
أحكام هذه الجريمة مستمدة من الآية الكريمة:(وما كان لمؤمنٍ أن يقتلَ مؤمناً إلا خطأ؛ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحريرُ رقبة مؤمنة ودية مسلّمة إلى أهله إلا أن يصدقوا. فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمنٌ فتحريرُ رقبة مؤمنة، وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهَرَينِ متتابعينِ توبةً من اللِّه وكانَ اللُّهُ عليماً حكيماً)
أجملت هذه الآية الكريمة أحكام القتل الخطأ، وبالاستعانة بالسنة النبوية وبأقوال الشراح نستطيع تفصيل هذا الإجمال
(وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ) والخطأ الوارد هنا هو بمعنى عدم القصد. وعدم